للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لِلْقِيَاسِ، إِذِ الْقِيَاسُ ضَمَانُ الْمِثْلِيِّ بِمِثْلِهِ، وَالتَّمْرُ لَيْسَ مِثْلًا لِلَّبَنِ.

وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْقِيَاسَ أَخَصُّ مِنَ الْأُصُولِ، إِذْ كُلُّ قِيَاسٍ أَصْلٌ، وَلَيْسَ كُلُّ أَصْلٍ قِيَاسًا ; فَمَا خَالَفَ الْقِيَاسَ قَدْ خَالَفَ أَصْلًا خَاصًّا، وَمَا خَالَفَ الْأُصُولَ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِقِيَاسٍ، أَوْ لِنَصٍّ، أَوْ إِجْمَاعٍ، أَوِ اسْتِدْلَالٍ، أَوِ اسْتِصْحَابٍ، أَوِ اسْتِحْسَانٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

فَقَدْ يَكُونُ الْخَبَرُ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ، مُوَافِقًا لِبَعْضِ الْأُصُولِ. وَقَدْ يَكُونُ بِالْعَكْسِ، كَانْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِالنَّوْمِ، مُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَعْلِيقٌ لِلْحُكْمِ بِمَظِنَّتِهِ، كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِمَظَانِّهَا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِبَعْضِ الْأُصُولِ، وَهُوَ الِاسْتِصْحَابُ، إِذِ الْأَصْلُ عَدَمُ خُرُوجِ الْحَدَثِ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَدْ يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُمَا جَمِيعًا، كَخَبَرِ الْمُصَرَّاةِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ كَمَا دَلَّ عَلَى ضَمَانِ الشَّيْءِ بِمِثْلِهِ، كَذَلِكَ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ مُوَافِقًا لَهُمَا، كَالْآثَارِ فِي تَحْرِيمِ النَّبِيذِ، مُوَافَقَةً لِقِيَاسِهِ عَلَى الْخَمْرِ، وَالنَّصُّ عَلَى الْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا، وَالنَّصُّ عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ مُسْكِرٍ.

وَالْقِسْمَةُ رُبَاعِيَّةٌ ; لِأَنَّ الْخَبَرَ إِمَّا أَنْ يُوَافِقَ الْقِيَاسَ وَالْأُصُولَ، أَوْ يُخَالِفَهُمَا، أَوْ يُوَافِقَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَأَصْحَابُنَا لَمْ يَتْرُكُوا حَدِيثَ الْقَهْقَهَةِ لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>