للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بَلْ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ عِنْدَهُمْ.

قَوْلُهُ: «لَنَا» ، أَيْ: عَلَى تَقْدِيمِ الْخَبَرِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَإِنْ خَالَفَ الْأُصُولَ وَمَعْنَاهَا وُجُوهٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَوَّبَ مُعَاذًا فِي تَقْدِيمِهِ السُّنَّةَ عَلَى الِاجْتِهَادِ، حَيْثُ قَالَ لَهُ: بِمَ تَحْكُمُ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي. فَصَوَبَّهُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ الْخَبَرِ عَلَى الِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاسِ مُطْلَقًا، وَإِنْ خَالَفَهُ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَائِدَةُ تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ إِلَّا إِذَا خَالَفَهُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: اتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، أَيْ: عَلَى تَقْدِيمِ الْخَبَرِ عَلَى الِاجْتِهَادِ ; فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا كَانُوا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ النُّصُوصِ، إِذَا وَجَدُوهَا، تَرَكُوهُ إِلَيْهَا، كَمَا رَجَعَ عُمَرُ فِي غُرَّةِ الْجَنِينِ إِلَى حَدِيثِ حَمَلِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ يُفَاضِلُ بَيْنَ دِيَةِ الْأَصَابِعِ، وَيُقَسِّمُهَا عَلَى قَدْرِ مَنَافِعِهَا ; فَلَمَّا بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي كُلِّ إِصْبَعٍ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ، رَجَعَ إِلَيْهِ، وَكَانَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ; فَلَوْ وَجَبَ تَقْدِيمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>