. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْقِيَاسِ لَمَا أَقَرُّوهُ عَلَى تَرْكِهِ.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْخَبَرَ قَوْلٌ لِلْمَعْصُومِ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ ; فَإِنَّهُ اجْتِهَادُ الْمُجْتَهِدِ، وَلَيْسَ بِمَعْصُومٍ، فَإِذَا تَعَارَضَ قَوْلُ الْمَعْصُومِ، وَقَوْلُ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ، كَانَ قَوْلُ الْمَعْصُومِ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ ; لِأَنَّ الْخَطَأَ فِيهِ مَأْمُونٌ.
قَوْلُهُ: «قَالُوا: الْقَائِسُ عَلَى يَقِينٍ مِنِ اجْتِهَادِهِ» ، إِلَى آخِرِهِ. هَذِهِ مُعَارَضَةٌ لِهَذَا الْوَجْهِ الثَّالِثِ، وَهِيَ أَيْضًا دَلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ لِلْخَصْمِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْقَائِسَ عَلَى يَقِينٍ مِنِ اجْتِهَادِهِ ; لِأَنَّهُ يُبَاشِرُ النَّظَرُ فِي أَصْلِ الْقِيَاسَ، وَفَرْعِهِ، وَعِلَّتِهِ، وَحُكْمِهِ، وَلَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ الْخَبَرِ، لِتَعَدُّدِ الْوَسَائِطِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّارِعِ، وَاتِّبَاعُ مَا هُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْهُ أَوْلَى مِنِ اتِّبَاعِ مَا لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: «قُلْنَا» . هَذَا جَوَابُ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ.
وَتَقْرِيرُهُ: أَنَّ الْقَائِسَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ صِحَّةِ الْخَبَرِ، كَذَلِكَ هُوَ لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ إِصَابَتِهِ فِي الْقِيَاسِ، وَكَوْنُهُ عَلَى يَقِينٍ مِنِ اجْتِهَادِهِ لَا يَنْفَعُ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِصَابَةُ، وَلَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْهَا. وَأَمَّا الِاجْتِهَادُ ; فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ أَوْ يُصِيبَ، وَإِذَا اسْتَوَى الْخَبَرُ وَالْإِصَابَةُ فِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، بَقِيَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ رُجْحَانِ الْخَبَرِ، بِكَوْنِهِ قَوْلَ الْمَعْصُومِ، سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ، وَهُوَ أَقْوَى فِي إِفَادَةِ الظَّنِّ مِنَ الْقِيَاسِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute