للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [الْبَقَرَةِ: ١٤٤] ، الدَّالِّ عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَهَذَا الْمَنْسُوخُ بِهِ، هُوَ الَّذِي سَبَقَ أَنَّهُ يُسَمَّى نَاسِخًا مَجَازًا.

وَالنَّسْخُ نِسْبَةٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ، وَهُوَ اسْتِعْمَالُ النَّاسِخِ الْمَنْسُوخَ بِهِ، فِي إِزَالَةِ حُكْمِ الْمَنْسُوخِ.

فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا، عَرَفْتَ أَنَّ تَعْرِيفَ النَّسْخِ بِالْخِطَابِ الدَّالِّ تَعْرِيفٌ لِلنَّسْخِ بِالنَّاسِخِ، وَلَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ، لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرْنَا.

قَوْلُهُ: «وَقِيلَ» ، أَيْ، فِي تَعْرِيفِ النَّسْخِ: «هُوَ رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ، بِخِطَابٍ مُتَرَاخٍ عَنْهُ» . هَذَا تَعْرِيفٌ آخَرُ لِلنَّسْخِ، مُطَابِقٌ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى ; لِأَنَّ الرَّافِعَ مَصْدَرٌ، كَمَا أَنَّ النَّسْخَ مَصْدَرٌ وَلَيْسَ هَذَا تَعْرِيفًا لِلنَّسْخِ بِالنَّاسِخِ.

وَقَوْلُهُ: «بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ» ، هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالثَّابِتِ.

وَقَوْلُهُ: «بِخِطَابٍ مُتَرَاخٍ عَنْهُ» ، مُتَعَلِّقٌ بِرَفْعِ الْحُكْمِ.

وَتَقْرِيرُهُ النَّسْخَ: هُوَ أَنْ يُرْفَعَ بِخِطَابٍ مُتَرَاخٍ، حُكْمٌ ثَبَتَ بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ.

ثُمَّ فَسَّرَ الرَّفْعَ بِأَنَّهُ إِزَالَةُ الْحُكْمِ عَلَى وَجْهٍ، لَوْلَاهُ لَبَقِيَ ثَابِتًا، كَرَفْعِ الْإِجَارَةِ بِالْفَسْخِ ; فَإِنَّهُ يُغَايِرُ زَوَالَهَا بِانْقِضَاءِ مُدَّتِهَا ; لِأَنَّ فَسْخَهَا قَطْعٌ لِدَوَامِهَا، لِسَبَبٍ خَفِيٍّ عَنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، وَانْقِضَاءُ مُدَّتِهَا هُوَ ارْتِفَاعُ حُكْمِهَا لِسَبَبٍ عَلِمَاهُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، وَهُوَ انْقِضَاءُ الْأَجَلِ ; فَمَنِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا سَنَةً، عَلِمَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ أَنَّ عِنْدَ انْتِهَاءِ السَّنَةِ، يَرْتَفِعُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ، وَلَوِ انْقَطَعَ مَاءُ الْأَرْضِ، أَوْ بَانَتْ مُسْتَحَقَّةً فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ ; فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ، مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>