للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَحَدُهَا: قَوْلُنَا: رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ: احْتِرَازٌ مِنْ زَوَالِ حُكْمِ النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ، كَمَا نَقُولُ: الْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ ; فَهَذَا حُكْمٌ ثَبَتَ بِالنَّفْيِ الْأَصْلِيِّ، فَإِذَا أَثْبَتْنَا فِي الذِّمَّةِ حَقًا بِشَاهِدَيْنِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْبَيِّنَاتِ الشَّرْعِيَّةِ ; فَقَدْ رَفَعْنَا حُكْمَ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَشَغَلْنَاهَا بِالْحَقِّ، مَعَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِنَسْخٍ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَرْفُوعَ هَاهُنَا لَيْسَ ثَابِتًا بِخِطَابٍ مُتَقَدِّمٍ، بَلْ بِالنَّفْيِ الْأَصْلِيِّ. وَمَعْنَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ: هُوَ الْبَقَاءُ عَلَى حُكْمِ الْعَدَمِ فِي الْمُحْدَثَاتِ قَبْلَ وُجُودِهَا.

الِاحْتِرَازُ الثَّانِي: قَوْلُنَا: رَفْعُ الْحُكْمِ بِخِطَابٍ: احْتِرَازٌ مِنْ زَوَالِ الْحُكْمِ بِالْمَوْتِ وَالْجُنُونِ، فَإِنَّ مَنْ مَاتَ، أَوْ جُنَّ، انْقَطَعَتْ عَنْهُ أَحْكَامُ التَّكْلِيفِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَسْخٍ ; لِأَنَّ انْقِطَاعَ الْأَحْكَامِ عَنْهُمَا لَمْ يَكُنْ بِخِطَابٍ، وَكَذَلِكَ ارْتِفَاعُ حُكْمِ الصَّوْمِ بِمَجِيءِ اللَّيْلِ، وَحُكْمِ الْفِطْرِ بِمَجِيءِ النَّهَارِ لَيْسَ نَسْخًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِالْخِطَابِ، بَلْ بِانْتِهَاءِ غَايَةِ الْحُكْمِ، وَانْقِضَاءِ وَقْتِهِ، وَيَلْزَمُ مَنْ عَرَّفَ النَّسْخَ بِانْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحُكْمِ، أَنْ يَجْعَلَ دُخُولَ اللَّيْلِ نَسْخًا لِلصَّوْمِ ; لِأَنَّ بِدُخُولِهِ بَانَ انْتِهَاءُ مُدَّةِ الصَّوْمِ، لَكِنْ لَمْ يُسَمِّ الْأُصُولِيُّونَ ذَلِكَ نَسْخًا.

الِاحْتِرَازُ الثَّالِثُ: اشْتِرَاطُ التَّرَاخِي فِي الْخِطَابِ الرَّافِعِ، حَيْثُ قُلْنَا: رَفْعُ الْحُكْمِ بِخِطَابٍ مُتَرَاخٍ: احْتِرَازٌ مِنْ زَوَالِ الْحُكْمِ بِخِطَابٍ مُتَّصِلٍ، كَالشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ، نَحْوُ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ «إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ» قَدْ رَفَعَ حُكْمَ عُمُومِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ: أَنْتِ طَالِقٌ. وَقَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَّا وَاحِدَةً، هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَفَعَ عُمُومَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، حَتَّى رَدَّهُ إِلَى اثْنَتَيْنِ. وَقَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>