. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَعَالَى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [الْبَقَرَةِ: ٢٣٠] ; فَالْغَايَةُ الْمَذْكُورَةُ رَفَعَتْ عُمُومَ التَّحْرِيمِ ; فَهَذَا كُلُّهُ وَأَمْثَالُهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ ; لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ رَفْعًا لِحُكْمٍ بِخِطَابٍ، لَكِنَّ ذَلِكَ الْخِطَابَ غَيْرُ مُتَرَاخٍ ; فَهُوَ تَخْصِيصٌ لَا نَسْخٌ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِنَا: فَإِنَّهُ بَيَانٌ لَا نَسْخٌ ; لِأَنَّ التَّخْصِيصَ بَيَانٌ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: «وَالْأَجْوَدُ» ، أَيْ: فِي تَعْرِيفِ النَّسْخِ، «أَنْ يُقَالَ: رَفْعُ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، بِمِثْلِهِ مُتَرَاخٍ عَنْهُ» ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَجْوَدَ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَا ثَبَتَ بِالْخِطَابِ، أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ مِنْ إِشَارَةٍ أَوْ إِقْرَارٍ فِيهِمَا، أَيْ: فِي الْمَنْسُوخِ وَالنَّاسِخِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَبَتَ تَارَةً بِالْخِطَابِ، وَتَارَةً بِمَا قَامَ مَقَامَ الْخِطَابِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ، وَالرَّفْعُ بِهِ يُسَمَّى نَسْخًا، وَلَوِ اقْتَصَرْنَا عَلَى قَوْلِنَا: رَفْعُ الْحُكْمِ بِالْخِطَابِ، كَمَا سَبَقَ فِي التَّعْرِيفِ الْأَوَّلِ، لَخَرَجَ مِنْهُ مَا ثَبَتَ بِغَيْرِ الْخِطَابِ، كَالْإِشَارَةِ، وَالْفِعْلِ، وَالْإِقْرَارِ، أَعْنِي: التَّقْرِيرَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ السُّنَّةِ، كَمَا سَبَقَ فِيهَا ; فَلَا يَكُونُ الْحَدُّ جَامِعًا.
قَوْلُهُ: «بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ بِمِثْلِهِ» ، أَيْ: بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ مِثْلِهِ، وَالْقَوْلُ فِي تَعَلُّقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ هَهُنَا، كَالْقَوْلِ فِيهِ فِي التَّعْرِيفِ السَّابِقِ، وَهُوَ أَنَّ «بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ» يَتَعَلَّقُ بِالثَّابِتِ، وَبِمِثْلِهِ يَتَعَلَّقُ «بِرَفْعٍ» .
فَالتَّقْدِيرُ: أَنَّ النَّسْخَ: هُوَ أَنْ يُرْفَعَ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، حُكْمٌ ثَبَتَ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ.
وَاخْتَارَ لَفْظَ الطَّرِيقِ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي «الْمَحْصُولِ» ; لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنَ الْخِطَابِ كَمَا بَيَّنَّا.
وَأَمَّا اشْتِرَاطُ التَّرَاخِي فِي النَّسْخِ ; فَفَائِدَتُهُ الِاحْتِرَازُ مِنْ تَهَافُتِ الْكَلَامِ وَتَنَاقُضِهِ فِي قَوْلِهِ الْقَائِلِ: افْعَلْ، لَا تَفْعَلْ. وَصَلِّ، لَا تُصَلِّ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: الْمُخْتَارُ فِي النَّسْخِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute