للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إِلَى مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ عَبَثٌ، وَتَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجَّحٍ.

قَوْلُهُ: «لِأَنَّا نَقُولُ» هَذَا جَوَابُ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ.

وَتَقْرِيرُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ نَقْلَ الْمُكَلَّفِ عَنْ حُكْمٍ إِلَى مِثْلِهِ لَا فَائِدَةَ لَهُ، بَلْ فَائِدَتُهُ امْتِحَانُ الْمُكَلَّفِ، بِانْتِقَالِهِ مِنْ حُكْمٍ إِلَى حُكْمٍ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى انْقِيَادِهِ، وَطَاعَتِهِ، وَعَدَمِ مُخَالَفَتِهِ. فَإِنَّا لَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ الشَّرْعَ قَالَ لَنَا الْآنَ: لَا تُصَلُّوا الظُّهْرَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، بَلْ صَلُّوهَا قَبْلَ الزَّوَالِ، أَوْ صَلَّوُا الْفَجْرَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. فَبَادَرَ قَوْمٌ إِلَى ذَلِكَ، وَتَوَقَّفَ قَوْمٌ ; فَقَالُوا: حَقِيقَةُ الزَّمَانِ وَاحِدَةٌ ; فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَبْلَهُ، وَبَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَعْدَهُ، حَتَّى يَنْقُلَهَا إِلَيْهِ؟ لَكَانَ الْمُبَادِرُونَ إِلَى الِامْتِثَالِ أَفْضَلُ وَأَطْوَعُ، لِتَرْكِهِمُ الِاعْتِرَاضَ، بَلْ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: لِمَ وَجَبَتِ الظُّهْرُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَمْ تَجِبْ قَبْلَهُ؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّمَانَيْنِ مَعَ تَمَاثُلِهِمَا؟ لَعُدَّ مُعْتَرِضًا مُتَكَلِّفًا ; فَكَانَ مَنْ لَا يَعْتَرِضُ بِذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْهُ، لِسُكُوتِهِ عَنِ التَّعَرُّضِ، وَانْقِيَادِهِ لِلتَّعَبُّدِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُ قُيِّدَ انْقَادَ.

وَمِثْلُ هَذَا، لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَصْحَابَهُ بِالْإِحْلَالِ مِنَ الْحَجِّ بِالْحُدَيْبِيَةِ، تَوَقَّفُوا عَنِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ ; فَغَضِبَ لِعَدَمِ مُبَادَرَتِهِمْ، لِكَوْنِهِ أَمَرَهُمْ بِخِلَافِ مَا اعْتَادُوهُ، ثُمَّ لَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>