للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

{اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا} [الْأَعْرَافِ: ١٢ - ١٨] ; فَذَمَّ الْكُفَّارَ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ عِبَادَةً، وَذَمَّ إِبْلِيسَ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ لِآدَمَ تَحِيَّةً، وَذَلِكَ ذَمٌّ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ الْمُجَرَّدِ ; فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، إِذْ قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْوَاجِبَ مَا ذُمَّ تَارِكُهُ شَرْعًا.

قَوْلُهُ: «وَدَعْوَى قَرِينَةِ الْوُجُوبِ، وَاقْتِضَاءِ تِلْكَ اللُّغَةِ لَهُ، دُونَ هَذِهِ، غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ» . هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ، يُورِدُهُ الْخَصْمُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ، بِهَذِهِ الْآيَاتِ وَنَحْوِهَا، وَتَقْرِيرُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الذَّمَّ فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ الْمُجَرَّدِ، بَلِ اقْتَرَنَ بِالْأَمْرِ فِيهَا قَرِينَةٌ أَفَادَتِ الْوُجُوبَ، وَلَوْلَا تِلْكَ الْقَرِينَةُ، لَمْ يَقْتَضِ الْوُجُوبَ، وَلَا الْوَعِيدَ وَالذَّمَّ عَلَى التَّرْكِ.

فَتَقْدِيرُ الْآيَةِ الْأُولَى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ، الْمُفِيدِ لِلْوُجُوبِ، بِقَرِينَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

وَتَقْدِيرُ الثَّانِيَةِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا} ، وَاسْتَفَادُوا الْوُجُوبَ بِقَرِينَةٍ، أَوْ تَصْرِيحٍ بِهِ.

وَذَلِكَ أَمْرُ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ، اقْتَرَنَ بِهِ قَرِينَةٌ أَفَادَتِ الْوُجُوبَ ; فَكَانَ ذَمُّهُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ، لَا عَلَى مُطْلَقِ مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: مُخْتَصٌّ بِقِصَّةِ إِبْلِيسَ، وَهُوَ أَنَّ الْأَمْرَ فِي اللُّغَةِ الَّتِي خَاطَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ كَانَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ ; فَلِذَلِكَ ذَمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>