للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمَعْنَى، لَا الصِّيغَةُ، أَوْ نَهْيٌ عَنْهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ لَا بِعَيْنِهِ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ الْتِزَامِيٌّ، لَا لَفْظِيٌّ، كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: قُمْ، غَيْرُ قَوْلِهِ: لَا تَقْعُدْ، وَقَوْلُهُ: تَحَرَّكْ، غَيْرُ قَوْلِهِ: لَا تَسْكُنْ، لَفْظًا وَمَعْنًى، وَلَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ قِيَامِهِ أَنْ لَا يَقْعُدَ، وَمِنْ حَرَكَتِهِ أَنْ لَا يَسْكُنَ، لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ الضِّدَّيْنِ.

وَمَنْ يَقُولُ: هُوَ نَهْيٌ عَنْ أَحَدِ أَضْدَادِهِ بِعَيْنِهِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ الصِّيغَةُ، يُرِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ: قُمْ، يُسْتَفَادُ مِنْهُ اسْتِفَادَةُ لَفْظِيَّةِ عَدَمِ الْقُعُودِ، لَا اسْتِفَادَةٌ الْتِزَامِيَّةٌ، أَيْ أَنَّ طَلَبَ عَدَمِ الْقِيَامِ بِعَيْنِهِ هُوَ طَلَبُ الْقُعُودِ، وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ يَرْجِعُ هَؤُلَاءِ إِلَى الْأَوَّلِ.

وَقَالَ قَوْمٌ: فِعْلُ الضِّدِّ هُوَ عَيْنُ تَرْكِ ضِدِّهِ الْآخَرِ ; فَالسُّكُونُ عَيْنُ تَرْكِ الْحَرَكَةِ، وَالْبُعْدُ مِنَ الْمَغْرِبِ هُوَ الْقُرْبُ مِنَ الْمَشْرِقِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ الْقُرْبَ وَالْبُعْدَ مَعْنَيَانِ إِضَافِيَّانِ، وَالْفِعْلُ وَالتَّرْكُ مَعْنَيَانِ حَقِيقِيَّانِ ; فَلَا يَصِحُّ التَّنْظِيرُ وَالْقِيَاسُ.

عُدْنَا إِلَى تَوْجِيهِ كَلَامِ " الْمُخْتَصَرِ ".

قَوْلُهُ: " لَنَا ": أَيْ: عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ: أَنَّ " الْآمِرَ بِالسُّكُونِ نَاهٍ عَنِ الْحَرَكَةِ. وَبِالْعَكْسِ، أَيْ: وَالْآمِرُ بِالْحَرَكَةِ نَاهٍ عَنِ السُّكُونِ " ضَرُورَةَ " أَنَّ الْحَرَكَةَ وَالسُّكُونَ وَنَحْوَهُمَا مِنَ الْأَضْدَادِ لَا يَجْتَمِعَانِ ; فَالْأَمْرُ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنِ الْآخَرِ، كَمَا أَنَّ فِعْلَ أَحَدِهِمَا يَسْتَلْزِمُ تَرْكَ الْآخَرِ، كَمَا تَسْتَلْزِمُ الْحَرَكَةُ تَرْكَ السُّكُونِ، وَالسُّكُونُ تَرْكَ الْحَرَكَةِ. وَلِهَذَا قُلْنَا: إِنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ جَمِيعِ أَضْدَادِهِ، إِذَا كَانَ لَهُ أَضْدَادٌ، ضَرُورَةَ تَوَقُّفِ فِعْلِهِ عَلَى تَرْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>