. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ تَحْصِيلُ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا، وَفِي فَرْضِ الْعَيْنِ تَعَبُّدُ الْأَعْيَانِ بِفِعْلِهِ.
وَيُمْكِنُ تَقْرِيرُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْحُقُوقَ ; إِمَّا خَالِصٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَالتَّوْحِيدِ، وَالصَّلَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ. أَوْ خَالِصٌ لِلْآدَمِيِّ، كَالتَّمَلُّكَاتِ بِالْعُقُودِ، وَالتَّشَفِّي بِالْقِصَاصِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. أَوْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، بِمَعْنَى: أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ طَاعَةً خَالِصَةً، وَلِلْعَبْدِ فِيهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً.
فَالْأَوَّلُ - وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - هُوَ فَرْضُ الْعَيْنِ، وَالثَّالِثُ - وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ - هُوَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، كَتَجْهِيزِ الْمَوْتَى، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ، وَدَفْنِهِمْ، أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَلَهُمْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ. وَكَذَلِكَ الْجِهَادُ، وَوِلَايَةُ الْقَضَاءِ، وَالْإِعَانَةُ عَلَيْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، الْمَأْمُورِ بِهَا شَرْعًا.
وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ صَلَاةُ الْعِيدِ، وَنَحْوُهَا، عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ، فَإِنَّ التَّعَبُّدَ بِهَا أَظْهَرُ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمُكَلَّفِينَ الْعَامَّةِ. وَأَشَارَ الْقَرَافِيُّ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، بِأَنَّ فَرْضَ الْعَيْنِ مَا تَكَرَّرَتْ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ، كَالصَّلَاةِ الْخَمْسِ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ: مَا لَا يَتَكَرَّرُ مَصْلَحَتُهُ بِتَكَرُّرِهِ، كَإِنْقَاذِ الْغَرِيقِ، وَنَحْوِهِ.
وَالْفَرْقُ الْعَامُّ بَيْنَ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَالْعَيْنِ: هُوَ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ مَا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ، وَسَقَطَ بِفِعْلِ الْبَعْضِ، وَفَرْضُ الْعَيْنِ مَا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَمْ يَسْقُطْ إِلَّا بِفِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَهُوَ فَرْقٌ حُكْمِيٌّ.
- قَوْلُهُ: «وَهُوَ» يَعْنِي فَرْضَ الْكِفَايَةِ «وَاجِبٌ عَلَى الْجَمِيعِ» ، أَيْ: عَلَى جَمِيعِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ، «وَيَسْقُطُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ» ، أَيْ: بِفِعْلِ بَعْضِهِمْ.
هَذَا بَيَانُ حُكْمِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَذَلِكَ كَالْجِهَادِ مَثَلًا ; وَجَبَ عَلَى جَمِيعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute