. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [الْبَقَرَةِ: ١١٠] ، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [الْبَقَرَةِ: ١٨٣] ; لِأَنَّ هَذَا وَحْدَهُ اسْتَقَلَّ بِإِفَادَةِ التَّكْرَارِ، فَلَمْ تَبْقَ لِغَيْرِهِ إِلَّا فَائِدَةُ التَّأْكِيدَ.
وَمَنْ لَا يَرَى الْأَمْرَ لِلتَّكْرَارِ، يَقُولُ: مُقْتَضَى الْأَمْرِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَأْمُورَاتِ وَغَيْرِهَا الْخُرُوجُ مِنْ عُهْدَتِهَا بِفِعْلِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا ثَبَتَ تَكْرَارُ مَا وَجَبَ تَكْرَارُهُ مِنْهَا بِأَدِلَّةٍ تَفْصِيلِيَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ أَفَادَتِ التَّكْرَارَ زِيَادَةً عَلَى مُقْتَضَى الْأَمْرِ.
وَعَلَى هَذَا يَتَرَجَّحُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ التَّكْرَارِ ; لِأَنَّ النُّصُوصَ الْمَذْكُورَةَ بِتَقْدِيرِهِ تَكُونُ مُؤَسِّسَةً، وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَكُونُ مُؤَكِّدَةً، وَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى مِنَ التَّأْكِيدِ.
وَيَتَّجِهُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَنْ يُقَالَ: النُّصُوصُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ لِلتَّأْسِيسِ وَلَا لِلتَّأْكِيدِ، بَلْ هِيَ لِلتَّبْيِينِ فَإِنَّ الْكِتَابَ يُبَيِّنُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَالسُّنَّةَ مُبَيِّنَةٌ لِلْكِتَابِ ; فَالنُّصُوصُ الْمُفِيدَةُ لِلتَّكْرَارِ مُبَيِّنَةٌ لِلنُّصُوصِ الْمُطْلَقَةِ. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَدْلُولَ الْبَيَانِ بِالْفِعْلِ مَوْجُودٌ فِي الْمُبَيَّنِ بِالْقُوَّةِ ; فَقَوْلُ الشَّارِعِ: صَلُّوا فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَزَكُّوا، وَصُومُوا فِي كُلِّ سَنَةٍ، مُبَيِّنٌ لِقَوْلِهِ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} ; فَتَكُونُ هَذِهِ النُّصُوصُ مُشْتَمِلَةً عَلَى اقْتِضَاءِ التَّكْرَارِ، لَكِنَّ اشْتِمَالًا خَفِيًّا ظَهَرَ بِالْبَيَانِ. وَعَلَى هَذَا يَتَّجِهُ الْقَوْلُ بِاقْتِضَاءِ الْأَمْرِ التَّكْرَارَ.
وَأَمَّا النَّهْيُ ; فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، لِاقْتِضَائِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute