. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَالْعَرَضُ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ، هُوَ مَا لَا يَدْخُلُ فِي حَقِيقَةِ الْجِسْمِ وَمَفْهُومِهِ، سَوَاءٌ كَانَ لَازِمًا لَا يُفَارِقُ، كَسَوَادِ الْغُرَابِ وَالْقَارِ، أَوْ مُفَارِقًا يَذْهَبُ وَيَجِيءُ كَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَصُفْرَةِ الْوَجَلِ، وَحُمْرَةِ الْخَجَلِ.
وَبِهَذَا الْمَعْنَى قَوْلُنَا: الْعُمُومُ مِنْ عَوَارِضَ الْأَلْفَاظِ، أَيْ: أَنَّهُ يَلْحَقُهَا، وَلَيْسَ هُوَ دَاخِلًا فِي حَقِيقَتِهَا، وَهُوَ عَرَضٌ لَازِمٌ لِمَا لَحِقَهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ، وَهُوَ خَاصٌّ بِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ، وَهِيَ الَّتِي وَضَعَهَا الْوَاضِعُ لِتَدُلَّ عَلَى اسْتِغْرَاقِ جَمِيعِ مَا وُضِعَتْ لَهُ.
وَمَعْنَى قَوْلِنَا: الْعُمُومُ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ حَقِيقَةً، أَيْ: أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَعْرِضُ إِلَّا لِصِيغَةٍ لَفْظِيَّةٍ، كَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ صِيَغِهِ، كَمَا أَنَّ الصِّحَّةَ وَالسَّقَمَ لَا يَعْرِضَانِ بِالْحَقِيقَةِ إِلَّا لِلْحَيَوَانِ، وَالِاتِّصَالُ وَالِانْفِصَالُ لَا يَعْرِضَانِ بِالْحَقِيقَةِ إِلَّا لِلْجِسْمِ، فَإِذَا قُلْنَا: هَذَا اللَّفْظُ عَامٌّ أَوْ خَاصٌّ وَالْحُكْمُ ثَابِتٌ لِعُمُومِ اللَّفْظِ ; فَإِضَافَةُ الْعُمُومِ إِلَى اللَّفْظِ وَوَصْفُهُ بِهِ حَقِيقَةً، كَمَا أَنَّا إِذَا قُلْنَا: هَذَا حَيَوَانٌ صَحِيحٌ أَوْ سَقِيمٌ، وَهَذَا جِسْمٌ مُتَّصِلٌ أَوْ مُنْفَصِلٌ، كَانَ ذَلِكَ حَقِيقَةً.
وَإِذَا أَضَفْنَا الْعُمُومَ إِلَى الْمَعَانِي، كَقَوْلِنَا: هَذَا حُكْمٌ عَامٌّ، وَخِصْبٌ أَوْ جَدْبٌ عَامٌّ، أَوْ بَلَاءٌ أَوْ رَخَاءٌ عَامٌّ، وَهَذِهِ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ، كَانَ ذَلِكَ مَجَازًا، أَيْ: لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْنَى بِحَسَبِ الْأَصْلِ أَنْ يُوصَفَ بِالْعُمُومِ، إِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الِاسْتِعَارَةِ ; إِمَّا مِنَ اللَّفْظِ أَوْ نَظَرًا إِلَى شُمُولِ مَجْمُوعِ أَفْرَادِ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لِمَجْمُوعِ مَحَالِّهِ، كَمَا إِذَا قُلْنَا: هَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ أَوْ سَقِيمٌ، أَوْ كَلَامٌ مُتَّصِلٌ أَوْ مُنْفَصِلٌ، كَانَ ذَلِكَ مَجَازًا ; لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ فِي الْجِسْمِ، وَسَيَتَّضِحُ هَذَا بِمَا بَعْدَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute