للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَخْتَصُّ بِبَعْضِهَا، كَقَوْلِنَا رُخْصٌ عَامٌّ وَبَلَاءٌ عَامٌّ، فَإِنَّ الْخِصْبَ وَالْبَلَاءَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ غَيْرُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ ; فَرُخْصُ مِصْرَ غَيْرُ رُخْصِ دِمَشْقَ، وَرَخَاءُ بَغْدَادَ غَيْرُ رَخَاءِ الصِّينِ، وَأَبْيَنُ مِنْ ذَلِكَ الْمَطَرُ، إِذَا قُلْنَا: هَذَا مَطَرٌ عَامٌّ، أَيْ: شَامِلٌ لِلْأَمْكِنَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ، غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ يَخْتَصُّ مِنَ الْمَطَرِ بِغَيْرِ مَا اخْتَصَّ الْمَكَانُ الْآخَرُ ; فَمَطَرُ الْمَسْجِدِ غَيْرُ مَطَرِ السُّوقِ، وَالْوَاقِعُ مِنْهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ غَيْرُ الْوَاقِعِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى، بِخِلَافِ لَفْظِ الْكُفَّارِ ; فَإِنَّهُ بِكُلِّيَّتِهِ يَدُلُّ عَلَى كُلٍّ وَاحِدٍ مِنَ الْكُفَّارِ، وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمْ بِلَفْظِ الْكُفَّارِ وَلَا بِبَعْضِهِ، كَمَا اخْتَصَّ السُّوقُ وَالْمَسْجِدُ بِبَعْضِ الْمَطَرِ، وَإِذَا كَانَ الْعُمُومُ فِي اللُّغَةِ الشُّمُولُ، وَهُوَ عَلَى التَّحْقِيقِ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَلْفَاظِ دُونَ الْمَعَانِي، كَانَ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ الْعُمُومُ مِنْ عَوَارِضِهَا بِالْحَقِيقَةِ مِنَ الْمَعَانِي.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْعِبَارَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي «الْمُخْتَصَرِ» مُخْتَطَفَةٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَلَيْسَتْ وَافِيَةً بِهِ ; فَلِذَلِكَ وَقَعَ فِيهَا غُمُوضٌ، وَفِي تَفْسِيرِهَا إِشْكَالٌ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ مُلَخَّصَةٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ.

وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَاهُ فِي مَعْنَى قَوْلِنَا: بِاعْتِبَارِ وُجُودَيْهَا: اللِّسَانِيِّ، وَالذِّهْنِيِّ، هُوَ أَنَّ الرَّجُلَ مَثَلًا لَهُ وُجُودٌ فِي الْأَعْيَانِ، وَفِي اللِّسَانِ، وَفِي الْأَذْهَانِ، أَمَّا وُجُودُهُ فِي الْأَعْيَانِ ; فَلَا عُمُومَ لَهُ، إِذْ لَيْسَ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ رَجُلٌ مُطْلَقٌ، يَعْنِي كُلِّيًّا، بَلْ إِمَّا زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو، أَوْ غَيْرُهُمَا ; فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِقَيْدِ التَّشَخُّصِ وَالْعَلَمِيَّةِ. وَأَمَّا وُجُودُهُ فِي اللِّسَانِ ; فَلَفْظُ الرَّجُلِ وُضِعَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>