للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَاللَّفْظِيُّ يَخْتَلِفُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَلْفَاظِ وَاللُّغَاتِ الْمُتَعَدِّدَةِ ; فَقَوْلُنَا لِلْبَعِيرِ مَثَلًا: جَمَلٌ، دُوَا، أَشْتَرْ. هَذِهِ ثَلَاثَةُ أَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ الْعَرَبِيِّ وَالتُّرْكِيِّ وَالْعَجَمِيِّ، وَالْمَدْلُولُ وَاحِدٌ.

وَالْفَرْقُ أَيْضًا بَيْنَ الْوُجُودِ اللِّسَانِيِّ والْوُجُودَيْنِ الْآخَرَيْنِ هُوَ أَنَّ الْوُجُودَ اللِّسَانِيَّ دَلِيلٌ، وَالْآخَرَانِ مَدْلُولٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ لَفْظَةَ زَيْدٍ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْإِنْسَانِ الْخَاصِّ الْمَوْجُودِ فِي الْخَارِجِ الْمُطَابِقِ لِصُورَتِهِ الْمَوْجُودَةِ فِي الذِّهْنِ ; فَهُمَا مَدْلُولَانِ لِلَّفْظِ وَهُوَ دَلِيلٌ لَهُمَا.

إِذَا ثَبَتَ هَذَا ; فَمَعْنَى دَلَالَةِ الْأَلْفَاظِ عَلَى مُسَمَّيَاتِهَا بِاعْتِبَارِ وُجُودَيْهَا: اللِّسَانِيِّ، وَالذِّهْنِيِّ، هُوَ أَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: الرِّجَالُ، دَلَّ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى مُسَمَّاهُ بِاعْتِبَارَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُفِيدُ بِالْوَضْعِ أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ جَمَاعَةَ أَشْخَاصٍ مِنْ ذُكُورِ بَنِي آدَمَ، وَهُوَ الْوُجُودُ اللِّسَانِيُّ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الصُّورَةِ الْمُطَابِقَةِ لِتِلْكَ الْأَشْخَاصِ فِي الذِّهْنِ وَهُوَ الْوُجُودُ الذِّهْنِيُّ. وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَعَانِي ; فَإِنَّهَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِتَمَايُزِ مِحَالِّهَا ; فَلَا يَدُلُّ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ; فَلَا يَكُونُ الْعُمُومُ مِنْ عَوَارِضِهَا حَقِيقَةً.

وَتَحْقِيقُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ وَالْمَعَانِي مِنْ هَذَا الْوَجْهِ هُوَ أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ يَدُلُّ عَلَى مَا تَحْتَهُ مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ دَلَالَةً وَاحِدَةً مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْتَصَّ بَعْضُ مُسَمَّيَاتِهِ بِبَعْضِهِ، كَلَفْظِ الْكُفَّارِ، الدَّالِّ عَلَى آحَادٍ كَثِيرَةٍ كَفَّارٍ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْتَصَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِبَعْضِ لَفْظِ الْكُفَّارِ، بِخِلَافِ الْمَعَانِي، فَإِنَّ مَحَالَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>