. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْمُطْلَقُ، كَالشَّيْءِ لَا كَالْمَعْلُومِ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعْلُومِ الْمَعْدُومَ وَالْعَدَمَ، وَهُوَ لَا يَتَّصِفُ بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ ; لِأَنَّهُمَا مَعْنَيَانِ مُحْتَاجَانِ إِلَى مَا يَقُومَانِ بِهِ، وَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا ; لِأَنَّ الشَّيْءَ هُوَ الْمَوْجُودُ ; لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ أَثَّرَتْ فِيهِ، أَمَّا الْمَعْدُومُ ; فَلَا يَصِحُّ قِيَامُ الْمَعَانِي بِهِ، وَالْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ مَعْنَيَانِ لَا يَقُومَانِ بِهِ.
وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُمَا بِلَفْظِ أَوْ ; فَقُلْتُ: يَنْقَسِمُ اللَّفْظُ إِلَى مَا لَا أَعَمَّ مِنْهُ كَالْمَعْلُومِ أَوِ الشَّيْءِ، تَنْبِيهًا عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ أَوِ الَّتِي هِيَ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَإِنْ كَانَ تَنْبِيهًا خَفِيًّا، وَلِأَنَّ الْخَطْبَ فِي هَذَا يَسِيرٌ، إِذْ لَا يَضُرُّنَا فِي ضَرْبِ الْمِثَالِ، أَيُّهُمَا كَانَ هُوَ الْأَعَمَّ مُطْلَقًا بَعْدَ تَقْرِيرِ الْقَاعِدَةِ فِي تَقْسِيمِهِ.
فَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَقِيلَ: لَيْسَ بِمَوْجُودٍ» فَإِشَارَةٌ إِلَى الْعَامِّ الْمُطْلَقِ. قِيلَ: هُوَ مَوْجُودٌ كَمَا سَبَقَ، وَقِيلَ: لَيْسَ بِمَوْجُودٍ، وَلَيْسَ لَنَا عَامٌّ مُطْلَقٌ. وَهَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ بِاعْتِبَارٍ، وَتَابَعَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ ; فَجَعَلَهُ قَوْلًا ثَانِيًا، وَلْنَحْكِ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ لِيَبِينَ مَا ذَكَرْنَاهُ.
قَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّفْظَ إِمَّا خَاصٌّ فِي ذَاتِهِ مُطْلَقًا، نَحْوَ: زَيْدٍ، وَهَذَا الرَّجُلُ. وَإِمَّا عَامٌّ مُطْلَقٌ كَالْمَذْكُورِ وَالْمَعْلُومِ، إِذْ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَوْجُودٌ وَلَا مَعْدُومٌ. وَإِمَّا عَامٌّ بِالْإِضَافَةِ كَلَفْظِ الْمُؤْمِنِينَ ; فَإِنَّهُ عَامٌّ بِالْإِضَافَةِ إِلَى آحَادِ الْمُؤْمِنِينَ، خَاصٌّ بِالْإِضَافَةِ إِلَى جُمْلَتِهِمْ، إِذْ يَتَنَاوَلُهُمْ دُونَ الْمُشْرِكِينَ ; فَكَأَنَّهُ يُسَمَّى عَامًّا مِنْ حَيْثُ شُمُولِهِ لِلْآحَادِ، خاصًّا مِنْ حَيْثُ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا شَمِلَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute