. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَأَمَّا الثَّانِي ; فَلِأَنَّكَ تَقُولُ: كُلُّ جَوْهَرٍ مَوْجُودٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مَوْجُودٍ جَوْهَرًا ; لِأَنَّ الْعَرَضَ مَوْجُودٌ، وَلَيْسَ جَوْهَرًا ; فَالْمَوْجُودُ أَعَمُّ مِنَ الْجَوْهَرِ، وَالْجَوْهَرُ عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجِسْمِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْجِسْمَ يَسْتَلْزِمُ الْجَوْهَرَ ضَرُورَةَ تَرَكُّبِهِ مِنَ الْجَوَاهِرِ، وَالْجَوْهَرُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْجِسْمَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ جَوْهَرًا فَرْدًا، وَهُوَ الْجُزْءُ الَّذِي لَا يَتَجَزَّأُ ; فَالْجِسْمُ إِذَنْ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْجَوْهَرِ، عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّامِي، إِذْ كُلُّ نَامٍ جِسْمٌ، وَلَيْسَ كُلُّ جِسْمٍ نَامِيًا، وَالنَّامِي عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحَيَوَانِ، إِذْ كُلُّ حَيَوَانٍ نَامٍ، وَلَيْسَ كُلُّ نَامٍ حَيَوَانًا، بِدَلِيلِ النَّبَاتِ، هُوَ نَامٍ وَلَيْسَ بِحَيَوَانٍ، وَالْحَيَوَانُ عَامٌّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِنْسَانِ، إِذْ كُلُّ إِنْسَانٍ حَيَوَانٌ، وَلَيْسَ كُلُّ حَيَوَانٍ إِنْسَانًا، بِدَلِيلِ الْفَرَسِ، وَنَحْوِهِ.
وَالضَّابِطُ فِي الْعَامِّ وَالْخَاصِّ أَنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ انْقَسَمَ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ وَغَيْرِهِ ; فَالْمُنْقَسِمُ أَعَمُّ مِنَ الْمُنْقَسَمِ إِلَيْهِ ; فَالْمَوْجُودُ يَنْقَسِمُ إِلَى جَوْهَرٍ وَغَيْرِهِ، كَالْعَرَضِ، وَالْجَوْهَرُ يَنْقَسِمُ إِلَى نَامٍ وَغَيْرِهِ، كَالْجَمَادِ، وَالنَّامِي يَنْقَسِمُ إِلَى حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ، كَالنَّبَاتِ، وَالْحَيَوَانُ يَنْقَسِمُ إِلَى إِنْسَانٍ وَغَيْرِهِ، كَالْفَرَسِ.
وَقَوْلُنَا: هَذَا الشَّيْءُ عَامٌّ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا تَحْتَهُ، أَوْ عَامٌّ بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا تَحْتَهُ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ، أَوْ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا تَحْتَهُ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ الْأَلْفَاظُ، وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ عِنْدَ تَعْرِيفِ الْعِلْمِ بَحْثٌ طَوِيلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَيُنَاسِبُ هَذَا الْبَحْثَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute