للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ [الحج: ٧٣].

وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحج: ٦٢].

وقوله تعالى: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [غافر: ١٤].

فهذا في دعاء العبادة: "والمعنى اعبدوه وحده وأخلصوا عبادته لا تعبدوا معه غيره" (١).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ [الطور: ٢٨]. "فهذا دعاء العبادة المتضمن للسؤال رغبة ورهبة والمعنى إنا كنا من قبل نخلص له العبادة، وبهذا استحقوا أن وقاهم عذاب السموم لا بمجرد السؤال المشترك بين الناجي وغيره، فإن الله سبحانه يسأله من في السموات ومن في الأرض، والفوز والنجاة إنما هي بإخلاص العبادة لا بمجرد السؤال والطلب" (٢).

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ما يمكن اعتباره ضابطاً للآيات التي يكون فيها حمل الدعاء على العبادة أظهر فقال: "وكل موضع ذكر فيه دعاء المشركين لأوثانهم فالمراد به دعاء العبادة المتضمن (٣) دعاء المسألة، فهو في دعاء العبادة أظهر، لوجوه ثلاثة:

أحدها: أنهم قالوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]. فاعترفوا بأن دعاءهم إياهم عبادتهم لهم.

الثاني:: أن الله تعالى فسر هذا الدعاء في موضع آخر كقوله تعالى:


(١) الفتاوى: ١٥/ ١٣، وبدائع الفوائد: ٣/ ٤.
(٢) الفتاوى: ١٥/ ١٤، وبدائع الفوائد: ٣/ ٥ - ٦.
(٣) قوله: "المتضمن يريد به المستلزم، وكأنه ما أراد التقيد باصطلاح المناطقة وإنما أولنا هذا لأن الشيخ نفسه يقرر أن هذا من باب التلازم وليس من باب التضمن كما تقدمت الإشارة إلى كلامه ص: ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>