لا يستطيع تعارض المعلوم والـ … معقول عند بدائه الإنسان
فمن المحال القدح في المعلوم … بالشبهات هذا بين البطلان
وإذا البدائه قابلتها هذه … الشبهات لم تحتج إلى بطلان (١)
[المطلب الثالث: في علاقة الدعاء بتوحيد العبادة، ومنزلة الدعاء من بين سائر العبادات]
علاقة الدعاء بتوحيد العبادة جلية واضحة، إذ الدعاء بنوعيه هو العبادة كما صح بذلك الخبر عن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، فتوحيد العبادة والإلهية هو إفراد الله تعالى بالعبادة، والعبادة هي الدعاء فمن أفرد الله بالدعاء فقد وَحَّدَ الله في عبادته، ومن صرف الدعاء لغير الله تعالى فقد أشرك في توحيد العبادة والألوهية.
ولكون الدعاء هو العبادة التي خلقنا أجلها، صارت له مكانة عظيمة ومنزلة سامية ودرجة رفيعة، وهذه المكانة يمكن إيجازها في الأوجه التالية:
١ - مما يبين مكانة الدعاء العظيمة ومنزلته الرفيعة، افتتاح القرآن الكريم واختتامه بالدعاء، فقد بدأ الله تعالى كتابه العزيز بسورة الفاتحة التي هي مشتملة على نوعي الدعاء: دعاء الثناء والعبادة، ودعاء المسألة والطلب، ثم اختتمه بمثل ما افتتح به وهو سورة الإخلاص والمعوذتان، فسورة الإخلاص في دعاء الثناء، والمعوذتان في دعاء المسألة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀:
وأما سورة الإخلاص والمعوذتان، ففي الإخلاص الثناء على الله، وفي المعوذتين دعاء العبد ربه ليعيذه، والثناء مقرون بالدعاء، كما قرن بينهما في أم القرآن المقسومة بين الرب والعبد نصفها ثناء للرب ونصفها دعاء للعبد.