للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ثم الاحتجاج إنما هو برفع الأيدي حين الدعاء وذلك لأن الذين يدعون غير الله يرفعون أيديهم نحو مدعوهم، فالذين يدعون الشمس والقمر والكواكب أو القبر أو الصنم يتجهون إلى ذلك المعبود ويمدون أيديهم إليه.

مناقشة قولهم: إن السماء قبلة للدعاء (١):

١ - إن هذا قول لم يقله أحد من السلف ولا أنزل الله به من سلطان ثم هو مخالف لإجماع المسلمين.

٢ - إن قبلة الدعاء هي قبلة الصلاة، فإنه يستحب للداعي أن يستقبل القبلة كما ذكرنا ذلك في آداب الدعاء، وليس هناك قبلتان إحداهما للصلاة والأخرى للدعاء، ومن المعلوم أن الصلاة فيها الدعاء في الفاتحة وغيرها والدعاء نفسه صلاة كما تقدم بيان ذلك (٢).

٣ - إن القبلة هي ما يستقبله العابد بوجهه كما يستقبل المصلي الكعبة، وكما يوجه المحتضر والمدفون، فالاستقبال بالوجه ضد الاستدبار، فأما ما حاذه الإنسان برأسه أو يديه فهذا لا يسمى قبلة، فلو كانت السماء قبلة الدعاء لكان المشروع للداعي أن يوجه وجهه إليها وهذا لم يشرع.

٤ - إن القبلة أمر تتميز به الملل ويقبل النسخ والتبديل، قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ﴾ [البقرة: ١٤٥].

وأما الرفع إلى السماء فلم تختلف فيه الملل وبنو آدم عربهم وعجمهم.


(١) انظر عن هذه المناقشة: بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٤٥٢، ٤٦٠، ٤٦٢، ٤٦٣، وشرح الطحاوية: ٢٦٧.
(٢) تقدم ص: ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>