للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث يعتقدون فيها الوساطة قال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨].

[حكم هذه المرتبة]

هذه المرتبة هي أيضًا من الشرك بل هي من أعظم الشرك (١) وذلك لوجهين (٢) في الصورة الثانية، ولوجه واحد في الأولى، ففي الصورة الثانية يوجد صرف لب العبادة الذي هو الدعاء لغير الله تعالى، وصرف العبادة لغير الله شرك هذا هو الوجه الأول، والوجه الثاني أن الداعي اعتقد علم الغيب وصفات الجلال والجمال المختصة بالله تعالى لغيره تعالى ومن اعتقد ذلك لغيره تعالى فقد أشرك، وهذا الوجه الثاني السبب في الحكم على الصورة الأولى بالشرك.

وهذه المرتبة قد وقعت صورها في كثير ممن ينتسب إلى الإسلام ومن مشركي الجاهلية الأولى ومن أهل الكتاب لا سيما النصارى.

والحكايات في الاستغاثات بالغائبين الذين يعتقد فيهم كثيرة جدًّا، وقد تقضي حوائجهم ويغاثون ويرون الشيخ الذي استغاثوا به، وذلك أن الشياطين يفعلون معهم مثل ما يفعلون مع مشركي الجاهلية والنصارى وغيرهم حيث يرى أحدهم شيخًا يحسن الظن به ويقول له: أنا الشيخ فلان ويتسمى باسم المستغاث به وربما يغيث من استغاث به ويقضي حاجته، وهذا واقع موجود اعترف به كبار المحققين.

فقد ذكر شيخ الإسلام هذا الأمر ثم قال: "وأعرف من ذلك وقائع كثيرة في أقوام استغاثوا بي وبغيري في حال غيبتنا عنهم فرأوني أو ذاك الآخر الذي استغاثوا به قد جئنا في الهواء ورفعنا عنهم، ولما حدثوني بذلك بينت لهم أن ذلك إنما هو شيطان تصور بصورتي وصورة


(١) الفتاوى: ٢٧/ ٨١ - ٨٢.
(٢) انظر صيانة الإنسان: ٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>