للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن كثيرًا من العلماء صرحوا بالتلازم بين الدعاء وبين هذا الاعتقاد كما صرحوا أن من يدعو غير الله تعالى يعتقد فيمن يدعوه هذه الصفات سواء اعترف بهذه الحقيقة أو كابر عقله وتأول بأنه لا يعتقد ذلك، فالحقيقة ثابتة لا يغيرها إنكار المكابر المعاند. هذا ومن الصفات التي يدل عليها الدعاء صفة العلو وكان اللائق أن تذكر مع ما تقدم من الصفات ولكن أخرناها لطول الكلام عليها ونذكرها الآن وبالله التوفيق وعليه التكلان.

[دلالة الدعاء على علو الله تعالى]

اتفق بنو آدم على اختلاف مللهم ونحلهم وعاداتهم وتقاليدهم على مر الدهور والأزمان وتباعد الأوطان - إلا من فسدت فطرته وانطمست بصيرته - على اعتقاد علو الله تعالى.

فعقيدة علو الله أمر، فطري فطر الله الناس عليها بخلاف استواء الله على عرشه فهو أمر سماعي دلت الأدلة السمعية القطعية على ثبوته الله تعالى (١).

وأما العلو فهو فطري ضروري ثبت بالفطرة قبل الأدلة السمعية فجاءت الأدلة السمعية فزادته برهانًا على برهان، ويقينًا على يقين.

ولكون العلو أمرًا فطريًا نجد البشر على اختلاف مستوياتهم في المعرفة، واختلاف لغاتهم وتباعد أوطانهم وتباين عاداتهم وتقاليدهم اتفقوا على التوجه بالدعاء إلى السماء ورفع الأيدي إليها، لا يختلف في ذلك مسلمهم وكافرهم عربيهم وعجميهم عالمهم وجاهلهم، وما ذلك إلا أنه أمر فطري ضروري فكما أن معرفتهم بخالقهم أمر فطري، ومعرفتهم بحاجتهم وافتقارهم إليه، وأنه القادر على إجابة دعائهم ورغباتهم أمر فطري،


(١) انظر في كون العلو من الصفات العقلية والاستواء من الصفات الخبرية منهاج السنة: ٢/ ٣٢٧، والاستقامة: ١/ ١٦١، والتدمرية ص: ٢٦، والفتاوى: ٥/ ١٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>