للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - والشيخ حافظ الحكمي (ت (١٣٧٧ هـ) فقد ذكر تلازم أنواع التوحيد الثلاثة وتلازم بعضها لبعض وأنها لا ينفك بعضها عن بعض وأن الشرك في نوع منها يلزم منه الشرك في الباقي، ثم قال: "مثال ذلك في هذا الزمن عباد القبور إذا قال أحدهم يا شيخ فلان - لذلك المقبور أغثني أو افعل لي كذا ونحو ذلك يناديه من مسافة بعيدة وهو مع ذلك تحت التراب وقد صار ترابًا فدعاؤه إياه عبادة صرفها له من دون الله لأن الدعاء مخ العبادة، فهذا شرك في الإلهية وسؤاله إياه تلك الحاجة من جلب خير أو دفع ضر أو رد غائب أو شفاء مريض أو نحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله معتقدًا أنه قادر على ذلك هذا شرك في الربوبية حيث اعتقد أنه متصرف مع الله تعالى في ملكوته ثم إنه لم يدعه هذا الدعاء إلا اعتقاده أنه يسمعه على البعد والقرب في أي وقت كان وفي أي مكان ويصرحون بذلك وهذا شرك في الأسماء والصفات حيث أثبت له سمعًا محيطًا بجميع المسموعات لا يحجبه قرب ولا بعد فاستلزم هذا الشرك في الإلهية الشرك في الربوبية والأسماء والصفات (١).

٧ - والشيخ علي محفوظ الحنفي صاحب كتاب الإبداع (ت ١٣٦١ هـ) فإنه ذكر أن العوام إذا نزل بهم أمر خطير في البر أو البحر تركوا دعاء الله ونادوا بعض الأولياء كالبدوي والدسوقي وزينب، ثم قال:

"معتقدين أنهم يتصرفون في الأمور ولا تسمع منهم أحدًا يخص مولاه بتضرع ودعاء وقد لا يخطر له على بال أنه لو دعا الله وحده ينجو من تلك الشدائد" (٢).

والحاصل أنه قد تبين مما سبق أن الدعاء يستلزم اعتقاد الداعي لمدعوه صفات الكمال والجلال التي لا تليق لغير الله تعالى من العلم المحيط والقدرة المطلقة والتصرف المطلق والسمع وغير ذلك، كما تبين


(١) معارج القبول: ١/ ٤٣٥، ويراجع: ١/ ٤٤٦ و ٤٤٥.
(٢) الإبداع في مضار الابتداع: ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>