للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وقد تبين مما سبق بطلان هذه الشبهة وفسادها وما تؤدي إليه من لوازم في غاية الشناعة، وهذا عاقبة من يترك منهج الكتاب والسنة وآثار السلف ويتبع زبالة الأفكار، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص والاتباع إنه المستعان وولي ذلك والقادر عليه.

[مناقشة الشبهة الثانية وهي: استدلالهم بعلم الله تعالى على عدم طلب الدعاء]

قد أكثر الصوفية من الاستدلال والاحتجاج بعلم الله تعالى على عدم الحاجة إلى الدعاء حتى عد بعضهم هذا الأمر أصلًا من أصول طريقتهم، فقد روى الطوسي (١) الصوفي عند ذكر أصول طريقتهم عن بعضهم أنه قال: "أصلنا السكوت، والاكتفاء بعلم الله ﷿" (٢).

وهذا يدل على مدى اعتمادهم في عدم الحاجة إلى الدعاء على العلم، وقد تقدم نقل بعض كلامهم، كما يؤكد هذا ما ذكرناه من تعلقهم بما روي عن إبراهيم الخليل : "حسبي من سؤالي علمه بحالي".

وأصل شبهتهم ظنهم أن مجرد علم الله بالشيء يكفي في وجوده ولا يحتاج إلى ما به يكون من الفاعل الذي يفعله وسائر الأسباب.

وهذا الظن باطل من أساسه وغير صحيح، وهو جهل بحقيقة علم الله تعالى وما يقتضيه فإن علم الله بالشيء لا يقتضي عدم طلبه من الله تعالى، قال ابن الجوزي: "هذا سد لباب السؤال والدعاء، وهو جهل بالعلم" (٣).


(١) هو عبد الله بن علي أبو نصر السراج الزاهد شيخ الصوفية وصاحب كتاب اللمع، ت ٣٧٨ هـ، العبر: ٢/ ١٥١.
(٢) اللمع ص: ٢٨٩، ذكره عن أبي عثمان الصوفي.
(٣) تلبيس إبليس: ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>