للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعملوه بمعنى صاح ونادى طلبًا للغوث" (١).

فعلى هذا فالفرق المذكور لا يتمشى مع المستعمل الآن إلا إذا نظر إلى الأصل فقط وبهذا يتضح أن الصحيح في الفرق بين الدعاء والاستغاثة هو ما تقدم من أن بينهما العموم والخصوص المطلق. والله أعلم.

[جـ - الاستجارة]

يقال: جار واستجار طلب أن يجار أي سأله أن يجيره، أما في استجار فظاهر لأن السين والتاء يدلان على الطلب.

وأما جار فهو مخرج على الجار بمعنى المستجير لكون المجاورة تستدعي الاستجارة، وأجاره الله من العذاب أنقذه، وأجاره أعاذه، ومن عاذ بالله أي استجار به أجاره الله، ومن أجاره الله لم يُوْصَل إليه، وهو يجير ولا يجار عليه أي يعيذ، وقال لنبيه: ﴿قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ﴾ [الجن: ٢٢] أي لن يمنعني والجار والمجير هو الذي يمنعك ويجيرك (٢).

[النسبة بين الدعاء والاستجارة]

يظهر مما ذكره علماء اللغة من استعمالات كلمة الاستجارة أنها خاصة بطلب دفع المضار والمكاره.

ومن هنا نستطيع أن نقول: إن المناسبة بينها وبين الدعاء العموم والخصوص المطلق فكل استجارة دعاء وليس كل دعاء استجارة، لأن الدعاء يشمل ما كان لدفع المضار أو جلب المنافع والاستجارة خاصة بدفع المضار وقد تقدم في الاستعاذة قول شيخ الإسلام أن الاستجارة والاستعاذة والاستغاثة قرائب في المعنى وأنها نوع من أنواع الدعاء والطلب.


(١) تاج العروس: ١/ ٦٣٦.
(٢) الصحاح: ٢/ ٦١٨، واللسان: ٢/ ٧٢٣، وتاج العروس: ٣/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>