للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممن أنكر ذلك قبل هؤلاء أبو بكر الطرطوشي فإنه ذكر أن ذلك ليس من كلام الماضين وأنَّه ينافي مقام الدعاء من التذلل والخشوع إذ السجع تكلف وتصنع واشتغال الخواطر بإقامة الأوزان (١).

هذا وبعد أن استعرضنا ما ذكره العلماء من معاني الاعتداء ينبغي أن يعلم أنه ليس معنى الاعتداء الإكثار من الدعاء خلافاً لما يتبادر من لفظ الاعتداء لأننا أمرنا بالإكثار من الدعاء (٢).

عدم التلبس بالحرام (٣):

من أهم آداب الدعاء أن يكون الداعي مجتنباً للتلبس بالحرام أكلاً وشرباً ولبساً وتغذية فلهذا ينبغي له أن يتحرى ويجتهد إذا أراد أن يكون مجاب الدعوة، في أن يكون متلبساً بالحلال أكلاً وشرباً ولبساً وتغذية.

فللحلال سر عجيب في قبول الأعمال عند الله تعالى ..

كما أن للحرام منعاً وسداً وشؤماً على متناوله، ومن ذلك رد طاعته، وعدم قبول الأعمال، ومن الأعمال المهمة التي ترد بالتلبس بالحرام الدعاء، فقد جاء ذلك مصرحاً في حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : "يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١)[المؤمنون: ٥١]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٢]، ثم ذكر الرجل


(١) كتاب الحوادث والبدع ص: ١٢١، والدعاء المأثور ص: ١٤٦.
(٢) شأن الدعاء للخطابي ص: ١٤.
(٣) هذا الأدب دلت عليه الأدلة المذكورة ومع ذلك نشير إلى من ذكر أنه من آداب الدعاء وذلك للاستئناس بأقوال العلماء وكذلك نفعل فيما يأتي من الآداب فمن العلماء الذين ذكروا هذا الأدب الطرطوشي وقال: ولعله من شروطه كما في الأزهية ص: ٧١، والدعاء المأثور ص: ٥٧، والقرطبي في الجامع: ٢/ ٣١١ وجعله من شروط الداعي، وابن الجزري في عدة الحصن مع التحفة ص: ٤٣ وجعله آكد الآداب.

<<  <  ج: ص:  >  >>