للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك" (١).

وفي هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يقبل العمل ولا يزكو إلا بأكل الحلال، وإن أكل الحرام يفسد العمل ويمنع قبوله وذكر الدعاء كمثال على العمل الصالح الذي لا يقبل مع الحرام وإن أكل الحرام وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجب لعدم إجابة الدعاء (٢).

وفي الحديث أيضاً الإشارة إلى أنه ينبغي الاعتناء بالحلال لمن أراد الدعاء أكثر من غيره (٣).

وهذا الذي ذكر من أن التلبس بالحلال من أسباب الإجابة كما أن التلبس بالحرام يمنع من الإجابة، ليس معناه أن هذا لازم في كل دعاء وأنَّه لا يقبل أي دعاء إلا ممن يأكل الحلال، وإنما هذا إشارة إلى أن هذا هو الدعاء الأقرب إلى الإجابة وإلى هذا المعنى أشار في الحديث بقوله: "فأنى يستجاب له" أي "كيف يستجاب له فهو استفهام وقع على وجه التعجب والاستبعاد وليس صريحاً في استحالة الاستجابة، ومنعها بالكلية، فيؤخذ من هذا أن التوسع في الحرام والتغذي به من جملة موانع الإجابة، وقد يوجد ما يمنع هذا المانع من منعه" (٤).

عدم الاستعجال (٥):

ومن أهم آداب الدعاء أن لا يستعجل الداعي في دعوته، فيستحسر


(١) أخرجه مسلم: ٢/ ٧٠٣ رقم ١٠١٥.
(٢) جامع العلوم والحكم: ٩٣، ١٠٠.
(٣) شرح النووي: ٧/ ١٠٠.
(٤) جامع العلوم والحكم ص: ١٠٠.
(٥) ذكره الحليمي ولكنه جعله من الأركان أو الشروط المنهاج: ١/ ٥٢٢، ٥٣٠، والقرطبي: ٢/ ٣١١ وابن الجزري في العدة ص: ٤٤، والطرطوشي في الدعاء المأثور ص: ٤٩، وابن الجوزي كما في غذاء الألباب: ٢/ ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>