للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد" (١) (٢). فالأنبياء متفقون في الأصول الأساسية، فمن الأصول المتفق عليها بين النبوات "المنع من دعاء الغائبين والأموات فلا يدعون الشفاعة ولا غيرها (٣).

ومع أن الأنبياء جاؤوا بهذا الأصل العظيم إلا أن الشريعة الخاتمة جاءت على وجه خاص لا يوجد في غيرها من الشرائع حيث حافظت على التوحيد الخالص والمنع من دعاء غير الله تعالى أشد المحافظة، فسدت كل الطرق المؤدية إلى ما يناقض التوحيد أو يمنع كماله أو يخدش فيه، لأن هذا الأصل به يتحقق إخلاص الدعاء بنوعيه الله تعالى فيتحقق الغرض الذي خلقنا أجله، من، وهو إخلاص العبادة الله تعالى. قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦].

ومن هنا جاءت هذه الشريعة الغراء بالتحذير البالغ مما يناقض هذا الأصل أو يمنع كماله.

ومن أهم ما يناقضه: دعاء غير الله تعالى ولهذا جاء التحذير منه بأساليب متنوعة نشير إلى بعضها إن شاء الله تعالى.

[المطلب الأول: الآيات الواردة في التحذير من دعاء غير الله تعالى، وأساليب القرآن المتنوعة في ذلك]

لقد حذر الله من دعاء غيره في القرآن الكريم تحذيرًا بالغًا وتنوعت أساليب القرآن في ذلك، وتكررت في مناسبات شتى ومواضع متعددة وبعبارات متنوعة، وذلك لخطورة دعاء غير الله تعالى وكونه أعظم الظلم وأكبر معصية عصى الله به، ولكونه أكثر وقوعًا من غيره من أنواع الكفر الأخرى وأكثر انتشارًا في جميع أصناف الناس وطبقاتهم، وجميع الأزمان والأمكنة.


(١) أخرجه البخاري: ٦/ ٤٧٧ رقم ٣٤٤٢، ومسلم: ٤/ ١٨٣٧ رقم ٢٣٦٥.
(٢) قاعدة في التوسل: ١٥٣.
(٣) مصباح الظلام: ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>