للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الآية الثامنة]

قوله تعالى: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الزمر: ٣٤، الشورى: ٢٢].

استدل (١) بهذه الآية بعضهم على جواز دعاء الأولياء في قبورهم، أي أن الأولياء إذا أرادوا شيئًا في قبورهم وطلبوه من الله فلا بد أن يحصل ويتحقق فإذا كان الأمر كذلك فإذا دعاهم أحد فإنهم يشاءون له الإجابة.

الجواب عن هذا بوجوه:

١ - يلزم على تفسير الآية بقول هؤلاء الذين فسروها بالمشيئة المطلقة للأولياء أن الأولياء في قبورهم لهم التصرف المطلق في الكون، فهم لا يشاؤون أيّ شيء إلا كان، ولا يقول بهذا مسلم لأن المشيئة المطلقة ليست إلا الله تعالى.

٢ - إن الآية ليست في الأولياء فقط بل تشمل جميع المؤمنين كما يدل عليه أول الآية في سورة الشورى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الآية: ٢٢]، وفي سورة الزمر أيضًا في جميع المؤمنين كما رجحه ابن جرير الطبري مستدلًا بمقابلة هذه الآية بالآية التي قبلها ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ﴾ [آية: ٣٢]، وبقوله: ﴿أولئك المتقون﴾ [آية: ٣٣]، وبقراءة من قرأ (والذين جاءوا بالصدق وصدقوا به) (٢).

فإذا ثبت أن قوله تعالى: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ في الموضعين عام لكل المؤمنين يلزم على قولهم أن كل المؤمنين لهم المشيئة المطلقة في القبور ويتصرفون في الإجابة فيجوز دعاؤهم لقضاء الحاجات وتفريج الكربات.


(١) انظر ذكر احتجاج بعض الناس بهذه الآية في الرسائل الشخصية: مؤلفات الشيخ: ٥/ ٢٠٥، وقطف الثمر ص: ١٠٥.
(٢) تفسير ابن جرير: ٢٤/ ٤، وعنه نقل الحافظ في الفتح مقررًا: ١٣/ ٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>