والكرم والرحمة، والقدرة فإن من ليس كذلك لا يدعى، ومن يقول بالطبائع يعلم أن النار لا يقال لها: كفى ولا النجم لا يقال له: أصلح مزاجي لأن هذه عندهم مؤثرة طبعًا لا اختيارًا، فشرع الدعاء والاستشفاء ليبين كذلك أهل الطبائع وقال: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ﴾ [الحجر: ٢١] حتى لا يطلب إلا منه.
ثم أحب أن يظهر جواهر أهل الابتلاء فقال لذا: اذبح ولدك، وقرص هذا بالبلاء ليحملهم على الدعاء واللجاء)) (١).
فقد اتضح من كلام هؤلاء العلماء تضمن الدعاء لاعتقاد الداعي بهذه الصفات العليا التي هي من خصائص الله تعالى لا يشركه فيها غيره.
فبهذا نعلم أن من صرف الدعاء للمخلوق أيًا كان فقد صرف له هذه الصفات التي هي خاصة بالله تعالى فبهذا يكون قد أشرك في توحيد الأسماء والصفات، ووصف غير الله تعالى بصفات هي من خصائص الله تعالى وصفاته كما أن من أخلص الله تعالى في الدعاء فقد أخلص في توحيد الأسماء والصفات.
[أقوال العلماء الذين ذكروا أن الداعين للأموات يعتقدون اتصافهم بمعرفة الغيب وغيرها من الصفات التي هي لازمة لمن يستحق الدعاء]
والعلماء الذين بينوا أن الداعين للأموات أو الغائبين يعتقدون لمن يدعونهم علم الغيب وسماع النداء والقدرة على النفع والضر - كثيرون منهم:
١ - المفسر الألوسي أبو الفضل محمود (ت ١٢٧٠ هـ) فإنه قال:
"ولا أرى أحدًا ممن يقول ذلك - يشير إلى قولهم: يا سيدي فلان
(١) الآداب الشرعية لابن مفلح نقلًا عن كتاب الفنون لابن عقيل: ٢/ ٢٩٢، وشرح الطحاوية ص: ٤٥٩، وشرح كتاب التوحيد للغنيمان: ١/ ١٩٦.