للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن حجر : "وإذا كان هذا جواب هذا الصحابي في أمر له أصل في السنة فما ظنك بما لا أصل له فيها فكيف بما يشتمل على ما يخالفها؟ " (١).

فمما يصدق هذا الأثر ما نحن فيه فإنه لما ابتدعت الأدعية المحدثة ترك الناس الأدعية المأثورة الواردة في الكتاب والسنّة، فلا تجد من يلازمها ويطبقها حسب ورودها إلا القليل من المتمسكين المعتصمين بالآثار وما أقلهم!

وذكر شيخ الإسلام أن من يكتم الحق يقيم موضعه باطلًا ثم قال: وهكذا أهل البدع، لا نجد أحدًا ترك بعض السنة التي يجب التصديق بها والعمل إلا وقع في بدعة ولا نجد صاحب بدعة إلا ترك شيئًا من السنة كما جاء في الحديث: "ما ابتدع قوم بدعة إلا وتركوا من السنة مثلها" رواه الإمام أحمد، وقد قال تعالى: ﴿فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ [المائدة: ١٤] فلما تركوا حظًا مما ذكروا به اعتاضوا بغيره فوقعت بينهم العداوة والبغضاء" (٢).

[المطلب الثاني: في الأدلة الدالة على منع الابتداع في الأدعية الراتبة]

وهناك أدلة كثيرة تدل على أن باب الدعاء توقيفي لا ينبغي الخروج عما رسمه الشارع في الجملة وذلك في الأدعية الراتبة التي تتكرر ويلازمها المكلف، أو في التي تختص بوقت معين أو صفة معينة.

وأما مطلق الأدعية التي تحصل من المكلف بدون تحرّ وتلازم فهي ليست توقيفية، ولكن الأفضل فيها الالتزام بالمأثور إلا إنّ عرضت له حاجة فينص عليها مثل أن يمرض له شخص عزيز عليه أو يخاف أحدًا (٣) فهذا ليس مما نحن فيه، لأن المقصود هنا الأدعية التي يلازمها العبد


(١) الفتح: ٣/ ٢٥٥.
(٢) الإيمان لابن تيمية ص: ١٥٣.
(٣) انظر المنهاج للحليمي: ١/ ٥٢٣، ٥٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>