وأحسن هذه التعريفات هو ما قاله ابن كثير وابن تيمية رحمهما الله تعالى وذلك لأنه يمثل حقيقة العبادة ويبينها بأدق تعبير وأوجزه مع الشمول والإحاطة.
قال الشيخ يوسف القرضاوي في ترجيحه لتعريف شيخ الإسلام ابن تيمية:"فهو ينظر إلى العبادة نظرة أعمق وأوسع فهو يحلل معناها إلى عناصره البسيطة، فيبرز إلى جوار المعنى الأصلي في اللغة وهو غاية الطاعة والخضوع عنصرًا جديدًا له أهمية كبرى في الإسلام وفي كل الأديان عنصرًا لا تتحقق العبادة - كما أمر الله - إلا به، وذلك هو عنصر الحب، فبغير هذا العنصر العاطفي الوجداني لا توجد العبادة التي خلق الله لها الخلق … "(١).
فتبين بهذه التعريفات أن الدين كله داخل في مفهوم العبادة بدون استثناء، فعلى هذا فدعاء المسألة داخل في العبادة، وهو واحد من أفراد العبادة الكثيرة المتنوعة بل هو من أجلها وأما دعاء العبادة فهو والعبادة سيان كما هو واضح. ولبيان هذه الحقيقة لا بد من استعراض استعمال القرآن الكريم لهاتين الكلمتين في الأساليب المتنوعة، وقد تقدمت الإشارة إلى أنهما يتعاقبان على موضوع واحد أو على موضوعات متشابهة وإلى أنهما قد يردان في آية واحدة، ونورد بعض الأمثلة على ذلك ونقارن بعضهما ببعض على شكل مجموعات.
(١) العبادة في الإسلام للقرضاوي ص: ٣١. ويؤخذ على كلام القرضاوي هذا أنه عطف الأديان على الإسلام بعد جمعه له وهذا لا يستقيم لأنه لا يوجد دين صحيح سوى الإسلام. قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾.