للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والملكوت وأنه القادر القدرة المطلقة، فالمدعو لا بد أن يكون قادرًا القدرة المطلقة، ومتصرفًا التصرف المطلق إذ لولا اعتقاد الداعي بأن المدعو يقدر على أن يتصرف في الكون، ويغير الأحداث من الصعب إلى السهل، ومن الضيق إلى السعة، ومن الشدة إلى اليسر، ومن الكرب إلى الفرج، لما وجه الداعي دعاءه وطلبه إلى المدعو، إذ العاجز عن التصرف وعن التغيير لا يوجه إليه طلب التصرف والتغيير عند من له عقل سليم. ولهذا عاب الله تعالى على المشركين فقال: ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (١٩٣)[الأعراف: ١٩١ - ١٩٣].

وهذا التلازم بين الدعاء وبين كون المدعو متصرفًا التصرف المطلق وقادرًا القدرة المطلقة - يقتضيه وضع الدعاء وحقيقته.

ثم هاتان الصفتان اللتان هما التصرف المطلق والقدرة المطلقة - من خصائص الربوبية فلا يتصف بهما غير الله تعالى، فمن صرف الدعاء لغير الله تعالى فقد صرف له ما هو من خصائص الربوبية، فلذا وجب إخلاص الدعاء لله تعالى.

وربما يوجد بعض الأشخاص الذين لا يستحضرون عند الدعاء هذه التفاصيل لما يستلزمه معنى الدعاء ويقتضيه.

ولكن هذا لا يمنع أن الدعاء من شأنه وطبيعته اعتقاد الداعي تلك الخصائص للمدعو كما أنه لا يُجِيرُ للآخرين إنكار تلك الحقيقة الواقعة من الداعين الذين يستحضرون تلك المعاني والخصائص للمدعو.

٣ - ومن معاني توحيد الربوبية الاعتراف بأن الله هو النافع الضار إذ من شأن الدعاء أن يكون المدعو يستطيع أن ينفع داعيه أو يضره.

ولهذا عاب الله على المشركين الذين عبدوا ما لا ينفعهم ولا يضرهم، فقال تعالى: ﴿يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (١٢)[الحج: ١٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>