للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسر في النهي عن التعليق هو أن عدم العزم في السؤال لا يليق بالبائس الفقير ذي الحاجة الشديدة وإنما يليق بمن يمكن الاستغناء له، ولا أحد يستغني عن فضل الله وجوده وكرمه، وأما المضطر فإنه يجزم ويسأل سؤال الفقير المضطر إلى ما سأله (١).

ثم إن الداعي إذا لم يكن جازماً لم يكن رجاؤه صادقاً قوياً لأن الباعث على الدعاء هو الرجاء فإذا كان الغالب على قلب الداعي أنه لا يجاب لم يكن رجاؤه صادقاً، فلا يخلص الدعاء ولا يتحقق منه الإلحاح في الطلب لأنَّه لم يتحقق الباعث عليه، والداعي إنما يجاب تصديقاً لرجائه فإذا لم يصدق رجاؤه لم يستوجب أن يجاب (٢).

وذلك لأن روح الدعاء وسره هو رغبة النفس في الشيء مع تطلعها إلى الملأ الأعلى والطلب بالشك يشتت العزيمة ويفتر الهمة (٣).

ثم إن عدم الجزم فيه سوء ظن بالله تعالى لأن الداعي إذا لم يدع ربه على يقين أنه يجيبه فعدم إجابته إما لعجز المدعو، أو بخله، أو عدم علمه بالابتهال، وكل هذا محال على الله تعالى (٤).

عدم الغفلة والتكاسل (٥):

فالدعاء دواء نافع مزيل للداء ولكن غفلة القلب تبطل قوته، ومن المعلوم أن مقصود مقصود الدعاء هو حضور القلب ولكن الغفلة وضعف حضور القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، هذه الأمور


(١) المنتقى شرح الموطأ للباجي: ١/ ٣٥٦ - ٣٥٧، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٢/ ٣١٢.
(٢) المنهاج للحليمي: ١/ ٥٢٧، وفيض القدير: ١/ ٢٢٨، وإتحاف السادة: ٥/ ٣٩.
(٣) حجة الله البالغة: ٢/ ٧٤.
(٤) فيض القدير: ١/ ٢٢٨.
(٥) ذكره ابن القيم في الجواب الكافي وعدَّ وجود الغفلة من موانع الإجابة ص: ٧، والنووي في الأذكار: ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>