للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدى ضرورة الإنسان إلى هذا الدعاء (١):

الإنسان مضطر دائمًا إلى أن يهديه الله الصراط المستقيم، لأنه يحتاج كل وقت وفي كل لحظة، أن يفعل ما أمره الله به في ذلك الوقت، من علم وعمل، وأن لا يفعل ما نهى عنه، ويحتاج أيضًا إلى أن يحصل له إرادة جازمة لفعل المأمور وكراهة جازمة لترك المحظور، فإنه لا يكفي مجرد علمه إن لم يجعله الله مريدًا للعمل بعلمه، وإلا كان العلم حجة عليه ولم يكن مهتديًا، ويحتاج أيضًا إلى أن يجعله الله قادرًا على العمل بتلك الإرادة الصالحة، فهذا العلم المفصل والإرادة المفصلة والقدرة على ذلك لا يتصور أن تحصل للعبد في وقت واحد، بل كل وقت يحتاج إلى أن يجعل الله في قلبه من العلوم والإرادات ما يهتدي به في ذلك الوقت إلى الصراط المستقيم، وأن يجعله قادرًا على ذلك، ويدخل في هذا من أنواع الحاجات ما لا يمكن إحصاؤه، نعم حصل له هدى مجمل بدخوله في دين الإسلام، ولكن هذا المجمل لا يغنيه إن لم يحصل له هدى مفصل في كل ما يأتيه ويذره من الجزئيات التي يحار فيها أكثر عقول الخلق، ويغلب الهوى والشهوات أكثر عقولهم لغلبة الشهوات والشبهات عليهم، وإنما يعرف بعض قدر هذا الدعاء من اعتبر أحوال نفسه ونفوس الناس المأمورين بهذا الدعاء ورأى ما في النفوس من الجهل والظلم، فإن


(١) يراجع في هذا إلى الكتب التالية: جامع الرسائل: ١/ ٩٩ - ١٠٠، وكتاب التوحيد وإخلاص العمل: ١٩٣ - ١٩٥، والفتاوى: ١٤/ ٣٧، ٣٢٠ - ٣٢٢ و ١٠/ ١٠٨ - ١٠٩، ومدارج السالكين: ١/ ٩ - ١٠، وإغاثة اللهفان: ١/ ٢٠، ومفتاح السعادة: ١/ ١٠٧، ورسالة الصلاة: ١٤٤ - ١٤٥، وبدائع الفوائد: ٢/ ٣٨، ورتب فيه ابن القيم هذه الأمور التي يحتاج إليها الإنسان إلى سبعة أمور وهي مذكورة هنا بدون تفصيل:
١ - معرفة كونه محبوبًا للرب، ٢ - أن يحصل له عزم عليه، ٣ - أن يقوم به فعلًا وتركًا، هذه الثلاثة أصول الهداية، وثلاثة أخرى من تمامها:
١ - الحاجة إلى تفصيلها، ٢ - أن يهتدي إلى جميع الوجوه، لا إلى وجه واحد، ٣ - الدوام والاستمرار. وذكر أمرًا سابعًا وهو التوبة مما مضى.

<<  <  ج: ص:  >  >>