الإنسان خلق ظلومًا جهولًا، فالأصل فيه عدم العلم وميله إلى ما يهواه من الشر، فيحتاج دائمًا إلى علم مفصل يزول به جهله، وعدلٍ في محبته وبغضه ورضاه، وغضبه، وفعله، وتركه، وإعطائه، ومنعه، وأكله، وشربه، ونومه، ويقظته.
فكل ما يقوله وما يعمله يحتاج فيه إلى علم ينافي جهله، وعدل ينافي ظلمه، فإن لم يمن الله عليه العلم المفصل والعدل المفصل، وإلا كان فيه من الجهل والظلم ما يخرج به عن الصراط المستقيم.
وقد قال تعالى لنبيه ﷺ بعد صلح الحديبية وبيعة الرضوان: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ إلى قوله تعالى: ﴿وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ [الفتح: ١ - ٢]، فإذا كان هذا حاله في آخر حياته، أو قريبًا منها، فكيف حال غيره؟.
وقال في حق موسى وهرون: ﴿وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الصافات: ١١٧، ١١٨].
والمسلمون قد تنازعوا فيما شاء الله من الأمور الخبرية العلمية الاعتقادية والعملية، مع أنهم كلهم متفقون على أن محمدًا حق، والقرآن حق، فلو حصل لكل منهم الهدى إلى الصراط المستقيم فيما اختلفوا فيه لم يختلفوا ثم الذين علموا ما أمر الله به أكثرهم يعصونه ولا يحتذون حذوه، فلو هدوا إلى الصراط المستقيم في تلك الأعمال لفعلوا ما أمروا به وتركوا ما نهوا عنه.
والذين هداهم الله من هذه الأمة حتى صاروا من أولياء الله المتقين كان من أعظم أسباب ذلك دعاؤهم الله بهذا الدعاء في كل صلاة مع علمهم بحاجتهم وفاقتهم إلى الله دائمًا في أن يهديهم الصراط المستقيم فبدوام هذا الدعاء والافتقار صاروا من أولياء الله.
ثم ما حصل فيه الهدى في الماضي فهو محتاج إلى حصول الهدى فيه في المستقبل، فالناس كلهم مضطرون إلى هذا الدعاء، ولهذا فرضه الله