للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتأخرون وعملوا به وهذا لا يقول به من يعرف البون الشاسع بين السلف والمتأخرين في الحرص على الخير، ومن المعلوم "أنه لا يجوز إحداث تأويل في آية، أو سنة، لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه ولا بيّنوه للأمة؛ فإن هذا يتضمن أنهم جهلوا الحق في هذا وضلوا عنه" (١). وبهذا اتضح أن من قال: إنها تدل على العموم فقد خالف بذلك "إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين فإن أحدًا منهم لم يطلب من النبي بعد موته أن يشفع له ولا سأله شيئًا ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم" (٢).

٥ - ثم إن المجيء إليه في حياته لو دُعِيَ إليه مسلم ظلم نفسه ليستغفر له -وجب عليه المجيء مع القدرة لأن المنافقين هم الذين ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾ [المنافقون: ٥].

ولا يمكن أن نقول: كذلك فيمن دعي إلى قبره "ليستغفر له، ومن سوى بين الأمرين وبين المدعوين وبين الدعوتين فقد جاهر بالباطل وقال على الله وكلامه ورسوله وأمناء دينه غير الحق" (٣).

ونكتفي بهذا القدر لأن كثيرًا من المحققين المحققين (٤) قد بيّنوا عدم الآية على ما زعم هؤلاء بأوجه كثيرة فلا حاجة للتطويل.

[الآية الخامسة]

قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ


(١) الصارم: ٣٢١.
(٢) قاعدة في التوسل: ١٩.
(٣) الصارم: ٣٢١.
(٤) منهم: الحافظ ابن عبد الهادي في الصارم المنكي من ص: ٣١٩ - ٣٢٣، ومنهم الشيخ بشير السهسواني في صيانة الإنسان بين ذلك في ١٦ وجهًا من ص: ٢٨ - ٤٧، وذكر بعض الأوجه أيضًا شيخ الإسلام في قاعدة في التوسل ص: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>