للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمتنع في مثل هؤلاء أن يتفقوا على تعمد الكذب عادة، فإن إجماع المسلمين حجة فكيف بإجماع جميع الأمم والطوائف مع اختلاف أجناسهم وبلدانهم ولغاتهم؟

ويمتنع أيضًا غلطهم في الأمور الفطرية الضرورية، فإن ذلك يسد باب العلم والمعرفة وأن يثق الإنسان بشيء من علومه فيستلزم القدح في جميع العلوم والمعارف.

[أقوال العلماء الذين صرحوا بدلالة الدعاء على العلو]

قد صرح كثير من علماء الإسلام بدلالة الدعاء على علو الله جل وعلا ونذكر أقوال بعض العلماء الذين صرحوا بذلك.

قال أبو حنيفة عندما سئل عمن يقول: "لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟، قال: هو كافر، لأنه أنكر أن يكون في السماء لأنه تعالى في أعلى عليين، وأنه يُدْعَى من أعلى لا من أسفل" (١).

فقد صرح أبو حنيفة بأن الاتجاه في الدعاء إلى العلو يدل على علو الله تعالى.

وقد ذكر مثل ذلك أبو محمد عبدالله بن سعيد بن كلاب حيث ذكر أن الله قد غرس في الفطرة ومعارف الآدميين الاعتقاد بالعلو، وأنه لا شيء أبين منه ولا أوكد: "لأنك لا تسأل أحدًا من الناس عربيًا ولا أعجميًا ولا مؤمنًا ولا كافرًا فتقول أين ربك؟، إلا قال في السماء أفصح أو أومأ بيده … ولا رأينا أحدًا إذا دعاه إلا رافعًا يده إلى السماء ولا وجدنا أحدًا غير الجهمية يسأل عن ربه فيقول: في كل مكان كما يقولون. . .".


(١) انظر درء تعارض العقل: ٦/ ٢٦٣، والفتوى الحموية ص: ٢٨، ووصفه ابن تيمية بالشهرة عند أصحابه عن أبي مطيع البلخي، وانظر العلو للعلي الغفار "المختصر ص ١٣٦"، واجتماع الجيوش ص: ٤٦، وشرح الطحاوية ص: ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>