للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مما يعلم فساده بالضرورة من دين الإسلام فإنه لا يوجد في الإسلام وساطة بين الله وبين خلقه، "في الخلق والتدبير، والرَّزْقِ والإحياء والإماتة، وسماع الدعاء وإجابة الداعي، بل الرسل كلهم وأتباع الرسل متفقون على أنه لا يعبد إلا الله وحده فهو الذي يسأل ويعبد، وله يصلى ويسجد، وهو الذي يجيب دعاء المضطرين ويكشف الضر عن المضرورين، ويغيث عباده المستغيثين ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ﴾ (١) [فاطر: ٣] ".

ومن هذا يتبين أن المسلمين بل الحنفاء جميعًا "ليس بينهم وبين الله تعالى واسطة في العبادة والدعاء والاستغاثة بل يناجون ربهم ويدعونه ويعبدونه بلا واسطة" (٢).

والوساطة التي جعلها الله تعالى للأنبياء إنما هي في (٣) تبليغ رسالته وأمره ونهيه ووعده ووعيده كما قال تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ [الأنعام: ٤٨] و [الكهف: ٥٦].

وقال نوح ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا﴾ [هود: ٣١].

ومثل هذا ما أمر الله به خاتم رسله أن يقوله: ﴿قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ … ﴾ [الأنعام: ٥٠].

[الوجه الرابع]

ثم إن هذه الشفاعة والوساطة التي يريدها هؤلاء من الأنبياء


(١) الرد على المنطقيين: ٥٣٧.
(٢) الرد على البكري: ٣٠٠ - ٣٠١.
(٣) انظر في هذا: الرد على المنطقيين: ٥٣٧ - ٥٣٨، والرد على البكري: ٣٠١، والواسطة بين الحق ص:، وضمن الفتاوى: ١/ ١٢٢ - ١٢٣، وملحق المصنفات ص: ٩٧، وتطهير الجنان: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>