للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويؤيد هذا الوجه الأخير ما ذكره شيخ الإسلام من أن قوله تعالى: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ معطوف على قوله: ﴿اتقوا الله﴾ وأنه من باب عطف الخاص على العام فيكون ابتغاء الوسيلة من تمام تقوى الله تعالى، وأن الفائدة من ذكر الخاص بعد العام هو ما في الخاص من مزية تستحق التنويه بها (١).

ولا يمكن لأحد أن يدعي أن التوسل بالذوات له مزية على غيره من أنواع الطاعات التي يحصل بها تقوى الله تعالى.

[الآية السادسة]

قوله تعالى في قصة سليمان : ﴿قَالَ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣٨)[النمل: ٣٨].

استدل بها بعضهم (٢) على جواز طلب ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى من المخلوق.

الجواب عن هذا على وجوه:

١ - إن سليمان عندما طلب من الملأ الذين معه - كان فيهم الجن والشياطين وهم آتاهم الله تعالى قدرة يستطيعون إحضار مثل هذا وقد سخرهم الله له. قال تعالى: ﴿وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ﴾ [الأنبياء: ٨٢] وقال: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ … ﴾ [سبأ: ١٣]، وقال: ﴿وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧)[ص: ٣٧]، فهو قد طلب منهم ما يقدرون عليه فلم يطلب ما لا يقدرون عليه.

٢ - ثم (٣) إن القصة من أدلة التوحيد لأن الرجل الذي عنده علم من


(١) العبودية ص: ٨٠.
(٢) استدل بها ابن جرجيس في المنحة الوهبية ص: ٣٠، وكما في القول الفصل: ٢٤، وتحفة الجليس: ٣٩ - ٤٢، والعزامي في: البراهين: ٤٠٧، وعنه منتحلًا بدون إشارة صاحب المفاهيم: ٩٥.
(٣) انظر هذه الأجوبة الثاني والثالث والرابع في تحفة الطالب: ٣٩ - ٤٢، والقول الفصل: ٢٥ - ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>