للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدعية النبوية المباركة واستبدلها بأدعية مخترعة فقد تشبه بأولئك الجاهلين، كما أنه تشبه بأهل الكتاب في اختراعهم للأدعية المخالفة لما جاءت به رسلهم، فما أشبه أوراد الصوفية وأحزابهم بتراتيل أهل الكتاب لأدعيتهم في النغمات والإيقاعات والتمايلات وغير ذلك (١).

٨ - إن الذي يلازم الأدعية المبتدعة المخترعة لاسيما التي هي مؤلفة من أحزاب وأوراد يكون في الغالب جاهلًا لمعناها وتنصرف همته إلى ألفاظها وإلى سردها سردًا بدون تدبر مع أن المطلوب في الدعاء إحضار القلب والإخلاص في السؤال، وهذا الداعي بمثل هذه الأدعية غير سائل بل هو حاك لكلام غيره ثم إن اختياره ذلك الدعاء على غيره من الأدعية لأجل الذي نظمه وإعجابه به (٢) ففي ذلك تقديس لهذا الذي جمعها ورفع له فوق منزلته من حيث يعتقد الداعي أن لأدعيته خاصية لا توجد في غيرها، وإلا لما داوم عليها ليل نهار بل يصرح أتباع الطرق الصوفية بأن ورد شيخهم وحزبه أفضل من حزب وورد الشيخ الفلاني، بل منهم من يفضله على القرآن مرات كما وقع للتيجانيين وسيأتي نقل ذلك عنهم (٣).

[المطلب الرابع: في أسباب انتشار الأدعية المبتدعة]

تمهيد:

لقد تكلمت فيما سبق (٤) عن الأسباب التي أدت إلى انتشار الأدعية الشركية وفي هذا المطلب أشير إلى نبذة يسيرة عن الأسباب التي تؤدي إلى الابتداع في الدين عمومًا معتنيًا ببيان الأسباب المباشرة لانتشار الأدعية المبتدعة خصوصًا، ومما ينبغي أن يعلم أن الأسباب التي ذكرت لانتشار


(١) انظر المنار: ٢/ ٧٣.
(٢) انظر إتحاف السادة المتقين: ٥/ ٤٤، والمنهاج للحليمي: ١/ ٥٢٨.
(٣) يأتي ص: ٦٥٨، ٦٦٣.
(٤) سبق ص: ٤٣٨ - ٤٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>