للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خفض الصوت بالدعاء (١):

من آداب الدعاء المهمة مخافتة الدعاء والإسرار به وعدم الجهر به، قال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٥٥)[الأعراف: ٥٥].

وروى أبو موسى الأشعري أنهم كانوا مع رسول الله في سفر فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال النبي :

"أيها الناس اربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنكم تدعون سميعاً قريباً وهو معكم" (٢). وقد فسرت عائشة قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾ [الإسراء: ١١٠] أي بدعائك (٣).

وقال الإمام أحمد : "ينبغي أن يسر دعاءه لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا﴾، قال هذا في الدعاء"، وقال أيضاً: "كانوا يكرهون أن يرفعوا أصواتهم بالدعاء" (٤).

وقال الحسن البصري : "إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به جاره، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوار وما يشعرون به، ولقد أدركنا أقواماً ما كان على ظهر الأرض من عمل يقدرون على أن يفعلوه في سر فيكون علانية أبداً، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت، إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم عز


(١) ذكره الحليمي في المنهاج: ١/ ١٢٣، ٥٣٥، وابن تيمية في الفتاوى: ١٥/ ١٥، وابن القيم في بدائع الفوائد: ٣/ ٦، والغزالي في الإحياء: ١/ ٣٦٣، وعنه في الأذكار ص ٣٥٣، وابن الجزري في العدة ص: ٤٤، وابن الجوزي كما في غذاء الألباب: ٢/ ٥٠٥، والطرطوشي في الدعاء المأثور ص: ٥٠.
(٢) أخرجه البخاري: ٦/ ١٣٥ رقم ٢٩٩٢، ومسلم: ٤/ ٢٠٧٦ رقم ٢٧٠٤.
(٣) أخرجه البخاري في التفسير: ٨/ ٤٠٥ رقم ٤٧٢٣.
(٤) غذاء الألباب للسفاريني: ١/ ٤٠٨، واقتضاء الصراط ص: ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>