للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل، ذلك أن الله تعالى يقول: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ وذلك أن الله تعالى ذكر عبداً صالحاً ورضي قوله فقال: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (٣)[مريم: ٣] ".

وقد وردت في بعض طرق هذا الأثر زيادة في أوله: "بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضعفاً" (١). ونقل نحو هذا عن ابن عباس في صدقة السر والعلانية ثم قال: وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها (٢). وهذا الأثر الموقوف على ابن عباس له حكم الرفع.

قال القرطبي: "مثل هذا لا يقال من جهة الرأي وإنما هو توقيف" (٣).

وذكر شيخ الإسلام عشرة فوائد في إخفاء الدعاء (٤) أذكرها مع طولها لنفاستها وكونها درراً من الحكم والأسرار العظيمة التي تضمنه كلامه .

أحدها: أنه أعظم إيماناً لأن صاحبه يعلم أن الله يسمع الدعاء الخفي.

وثانيها: أنه أعظم في الأدب والتعظيم لأن الملوك لا ترفع الأصوات عندهم ولله المثل الأعلى.

وثالثها: أنه أبلغ في التضرع والخشوع الذي هو روح الدعاء ولبه


(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد ص: ٤٥ رقم ٤٠، ومن طريقه ابن جرير: ٧/ ٢٠٦، وذكره البغوي في التفسير: ٢/ ١٦٦، وابن تيمية في الفتاوى: ١٥/ ١٥، وابن القيم في بدائع الفوائد: ٣/ ٦، وابن كثير في تفسيره: ٢/ ٢٢١.
(٢) أخرجه ابن جرير: ٣/ ٩٢.
(٣) الجامع لأحكام القرآن: ٣/ ٣٣٢.
(٤) ذكر ذلك في الفتاوى: ١٥/ ١٥ - ١٩، وساقها ابن القيم قريباً من عبارة شيخه مع: بعض الزيادات في بدائع الفوائد: ٣/ ٦، وانظر أيضاً قواعد الأحكام للعز: ٢/ ١٧٦ - ١٧٧ - ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>