للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنه يلزم من كلامهم عدة محذورات، منها:

١ - ترك الدعاء الذي أمرنا الشارع به وهو عبادة من أعلى أنواع العبادات، وقد أرشدنا الله تعالى إلى دعائه ولم يقيده بشيء فقال: ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٢]، فليس في هذا تقييد بأن لا يكون من حظ النفس.

والقول بالإشارة القلبية لا يمكن أن يذهب إليه لأنه يحتمل أن تكون لَمَّةً شيطانية فربما يوسوس له الشيطان فيترك طلب ما يكون الأولى له طلبه من المصالح الدنيوية والأخروية.

ثم يفوت العبد بهذه الوساوس الاستعانة بالله والتضرع إليه واللجأ إليه والتملق له إلى غير ذلك من الفوائد التي اشتمل عليها الدعاء، ثم إن الإشارة القلبية لا تتأتى من كل أحد (١).

ثم هو معارض بما ثبت وتواتر من دعائه بكشف البلايا كالاستسقاء ونحوه، ويمكن أن يقال أيضًا: إن ذلك خاص بالحمى لأن فيها كفارة كما ورد في أحاديث أخرى، وكذلك خاص بتلك المرأة لما ذكر لها من الأجر وليس ذلك أمرًا عامًا والله أعلم. وأما حديث من شغله ذكري فيحمل على اختلاف الأحوال والأشخاص كما تقدم (٢) ولا يمكن الاستدلال به على أفضلية السكوت مطلقًا.

[أصل شبهتهم]

قد التبست عليهم هذه الشبهة ودخل عليهم إبليس بسببها من جهتين:

إحداهما: ظنهم أن الرضا بكل ما يوجد في الكون أمر يحبه الله ويرضاه وأن هذا من أعظم ما يوصل إلى الله تعالى ومرضاته، فجعلوا


(١) الفتح: ١١/ ٩٥.
(٢) ص: ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>