للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرضا بكل حادث وبكل حال يكون فيها العبد طريقًا إلى الله تعالى.

وثانيتهما: أنهم لم يميزوا بين الدعاء المشروع المأمور به إيجابًا أو استحبابًا مثل دعاء الفاتحة والذي في آخر الصلاة، وبين الدعاء غير المشروع كالذي فيه الاعتداء.

وهاتان الجهتان غير صحيحتين لأن الطريق الموصل إلى رضا الله تعالى هو أن ترضيه بفعل ما يحبه ويرضاه من الأعمال الصالحة وليس بالرضا بكل ما يحدث، فإن الله لم يأمر بهذا، ولا رضيه، بل الله سبحانه يكره ويسخط ويبغض على أعيان أفعال موجودة لا يحصيها إلا هو، وولاية الله موافقته بحب ما يحبه وبغض ما يبغضه، وولاية من يواليه وعداوة من يعاديه لا بحب ما يكرهه ويسخطه.

هذا بالنسبة إلى الجهة الأولى ..

ثم إن الرضا الذي هو من طريق الله لا يمكن أن يتضمن ترك واجب أو مستحب فالدعاء الواجب أو المستحب لا يكون تركه من الرضا كسائر الأعمال الصالحات.

فقد تبين غلط هؤلاء من جهة ظنهم أن الرضا مشروع بكل مقدور، ومن جهة أنهم لم يميزوا بين الدعاء المشروع وغير المشروع (١).

ثم يقال ثانيًا: "هنا أمران: قضاء الله، وهو فعل قائم بذات الله تعالى، ومَقْضِيٌّ، وهو المفعول المنفصل عنه، فالقضاء كله خير وعدل وحكمة، نرضى به كله، والمقضي قسمان، منه ما يرضى به، ومنه ما لا يرضى به" (٢).

ثم إن هؤلاء لم يعرفوا أن الدعاء والتوكل والتداوي من الأسباب


(١) الفتاوى: ١٠/ ٧١١ - ٧١٤، ومنهاج السنة: ٣/ ٢٠٥ - ٢٠٦، وشرح الطحاوية ص: ٢٢٧.
(٢) شرح الطحاوية ص: ٢٢٧، ومنهاج السنة: ٣/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>