للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي شرعها الله تعالى لا يخرج الأخذ بها من الرضا بقضاء الله تعالى، كما أن من عرض له كلب الجوع لا يخرجه فزعه إلى الغذاء من التوكل والرضا بالقضاء، لأن الله تعالى جعل أسبابًا لدفع الأدواء كما جعل الأكل سببًا لدفع الجوع، وقد كان قادرًا أن يحيي خلقه بغير هذا ولكنه خلقهم ذوي حاجة فلا يندفع عنهم أذى الجوع إلا بما جعل سببًا لدفعه عنهم (١) فكذا الداء العارض والبلاء النازل قد لا يندفعان إلا بالدواء والدعاء.

فتحصل من هذا أن الدعاء والإلحاح على الله في الطلب لا يتنافى مع الرضا ولا مع التوكل، وإنما الذي ينافي الرضا ما لو ألح على الله "متحكمًا عليه متخيرًا عليه ما لم يعلم هل يرضاه أم لا كما يلح على ربه في ولاية شخص أو إغنائه، أو قضاء حاجته، فهذا ينافي الرضا لأنه ليس على يقين أن مرضاة الرب في ذلك" (٢).


(١) تلبيس إبليس: ٢٨٧ - ٢٨٨.
(٢) مدارج السالكين: ٢/ ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>