للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذه الكتب وقائع كثيرة جدًّا فيها بيان أخبار الذين وقعوا في كرب وشدة وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وانقطعت بهم الحيل فالتجأوا إلى الله تعالى بصدق وإخلاص فجاءهم الفرج بعد الشدة والسعة بعد الضيق والسرور والفرح بعد الغم والهم.

ولا يزال التاريخ إلى الآن يشهد بذلك فكم يقع يوميًا من ذلك ولا ينكر هذا إلا معاند مكابر.

وليس يصح في الأذهان شيء … إذا احتاج النهار إلى دليل

[تجارب الأمم]

وقد دلت تجارب الأمم على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها على أن التقرب إلى رب العالمين، وطلب مرضاته والالتجاء إليه والانطراح بين يديه والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير، وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر، فما استجلبت نعم الله واستدفعت نقمه بمثل طاعته والتقرب إليه بأنواع الطاعات، والرغبة إليه والاستعانة به والإحسان إلى خلقه فهذا مجرب عند جميع الأمم على مدى التاريخ (١)، وهو أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به، لأنهم جربوه (٢).

ومن هنا كان اعتقاد تأثير الدعاء من الأصول المسلمة المقررة لدى مشركي العرب وغيرهم فلهذا أتى الدين الإسلامي بتقرير ذلك وتأكيده ولكنه نقحه وهذبه من الشوائب التي زادوها من الشرك فيه، وصرفه لمن لا يستحق.

قال الدهلوي بعد أن ذكر الأصول المسلمة لدى المشركين: "ومنها … أن هنالك لأدعية الملائكة المقربين وأفاضل


(١) انظر الجواب الكافي ص: ١٦.
(٢) الوابل الصيب: ٥٧، وبدائع الفوائد: ٢/ ٢٤٢، واقتضاء الصراط: ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>