للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرهما لأن همة النفس وتأكد عزيمتها في طلب شيء يقرع باب الجود بمنزلة إعداد مقدمات الدليل لفيضان النتيجة، وأيضًا فإن الحاجة اللذاعة لقلبه، توجهه إلى المناجاة، وتجعل جلال الله حاضرًا بين عينيه، وتصرف همته إليه، فتلك الحالة غنيمة المحسن" (١).

ثم إنَّ كلا النوعين من خصائص الله تعالى فلا يليقان بأن يصرفا لأحد كائنًا من كان سواء كان ملكًا مقربًا أو نبيًا مرسلًا فالله هو المدعو دعاء المسألة للنفع والضر كما أنه هو المدعو المعبود للرجاء والخوف (٢).

فهذان النوعان مختصان به ولا يصلحان أن يصرفا لغيره.

قال شيخ الإسلام : وكلا نوعي الدعاء مختصان بالله تعالى حقان له لا يصلحان لغيره بل دعاء غيره بأحد النوعين شرك وذلك من معنى أنه الأحد الصمد فإن كونه أحدًا يوجب أن لا يشرك به في العبادة ولا الاستغاثة فلا يدعى غيره.

والاسم الصمد جاء معرفًا يبين أنه هو الصمد الذي يستحق أن يصمد إليه بكلا نوعي الصمد، وهذان الاسمان الأحد والصمد لم يذكرا في القرآن إلا في هذه السورة - يعني سورة الإخلاص -. والله هو المقصود لذاته ولما يطلب منه فهو مقصود مدعو لنفسه كما أنه مقصود مدعو لما يسأل عنه ويطلب منه وهو الصمد في الأمرين لا يصلح لغيره أن يكون هو المعبود ولا أن يكون هو المتوكل عليه المستعان به المسؤول منه (٣).

[تلازم نوعي الدعاء]

قد ذكرنا أن الدعاء ينقسم إلى دعاء عبادة، ودعاء مسألة، وهذا


(١) حجة الله البالغة: ٢/ ٧٤.
(٢) بدائع الفوائد: ٣/ ٢، والفتاوى: ١٥/ ١٠.
(٣) بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٤٥٧ - ٤٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>