للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواد الذي لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء حيث يظن هذا الداعي أنه قد أتى من الدعاء ما يستحق به الإجابة ولكن الله تعالى لم يستجب له.

٣ - أن الاستعجال والتضجر من التأخر فعل من له حق عند آخر يقتضيه وليس لأحد من الله حق حاصل عنده متأخر عنه فيستعجل به ويتضجر من تأخره مع أن إجابة الدعاء فضل من الله تعالى على العبد الداعي يعطيه إذا شاء تفضلاً وتكرماً ولكنه يعطيه في الوقت المناسب على الوجه المناسب الذي يريده لا على ما يريده العبد.

هذا ومما ينبغي التفطن له أنه ليس من معنى (١) الاستعجال: سؤال الداعي ربه أن يعجل له الإجابة.

عدم التعليق (٢):

من آداب الدعاء المهمة أن لا يعلق الدعاء ولا يتردد، بل عليه العزم والجد والاجتهاد في الطلب من غير ضعف ولا تردد، ولا تعليق على المشيئة، وذلك بأن يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، أو أعطني إن شئت.

وإنما لم يحتج إلى التعليق على المشيئة مع أنه مطلوب في كل شيء يقع في المستقبل؛ لأنَّه إنما يحتاج إلى ذلك إذا كان المطلوب منه يتأتى إكراهه على الشيء فيخفف الأمر عليه، ويُعلم بأنه لا يطلب منه ذلك الشيء إلا برضاه، وأما الله سبحانه فإنه لا مكره له فلا فائدة في التعليق (٣).

وقد أمر النبي بالعزم في الطلب، ونهى عن التعليق بالمشيئة فقد روى أنس بن مالك قال قال رسول الله : "إذا دعا أحدكم


(١) انظر تحفة الذاكرين ص: ٥٠.
(٢) ذكره الحليمي في الآداب في المنهاج: ١/ ٥٢٣، ٥٣١، والغزالي في الإحياء: ١/ ٣٦٤، وعنه النووي في الأذكار ص: ٣٦٤، وابن الجزري ص: ٤٤.
(٣) المنتقى للباجي: ١/ ٣٥٦، والفتح: ١١/ ١٤٠، وشرح النووي: ٧/ ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>