للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليعزم المسألة، ولا يقولن: اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له" (١).

وعن أبي هريرة أن رسول الله قال: "لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مستكره له". وفي لفظ لمسلم: "وليعظم الرغبة فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه". وفي لفظ آخر له أيضاً: "فإن الله صانع ما شاء لا مكره له" (٢) ففي هذه الأحاديث أنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريماً، وقد قال ابن عيينة: "لا يمنعن أحدًا من الدعاء ما يعلم في نفسه -يعني من التقصير- فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩)(٣).

وقد فسر بعضهم العزم الوارد في هذه الأحاديث بحسن الظن بالله تعالى في الإجابة (٤). وهو قريب من المعنى الأول، وحسن الظن مطلوب في الدعاء أيضاً لما ورد في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني" (٥).

ومما ينبغي أن يعلم أن النهي عن التعليق خاص بما هو خير محض من المطالب الدينية كسؤال الرحمة والمغفرة والمطالب الدنيوية المعينة على الدين كالعافية والرزق، وأما الأمور التي لا يتحقق العبد مصلحتها وعواقبها فيعلقها على اختيار ربه له الأصلح كما في دعاء الاستخارة الوارد (٦).


(١) البخاري مع الفتح: ١١/ ١٣٩ رقم ٦٣٣٨، ومسلم: ٤/ ٢٠٦٣ رقم ٢٦٧٨.
(٢) البخاري مع الفتح: ١١/ ١٣٩ رقم ٦٣٣٩، ومسلم ٤/ ٢٠٦٣ رقم ٢٦٧٩.
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٢/ ٣١٣، وفتح الباري: ١١/ ١٤٠.
(٤) شرح النووي: ١٧/ ٧.
(٥) أخرجه مسلم: ٤/ ٢٠٦٧ رقم ٢٦٧٥.
(٦) انظر في هذا الفرق بين المطالب في القول السديد ص: ١٣٦ - ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>