[المبحث الثاني في مظاهر غلو المتأخرين في دعاء غير الله تعالى]
ومما لا شك فيه أن المشركين الأوائل كانوا يعتقدون في آلهتهم التي يدعونها اعتقادات باطلة ويقدسونها بأنواع من التقديسات ويصرفون لها أنواعًا من العبادات ولكن المتأخرين ممن يدعون الأموات والغائبين فَاقُوهم وتجاوزوهم بمراحل لم يصل إليها أسلافهم ومتقدموهم ووقفوا بمواقف خطيرة جدًّا ما كان يُتصوّر أن أي مسلم آمن بدين الله يقف بها، ويعتقدها ويتبناها ولكن هذا هو الواقع المرير الذي وصل إليه حال المسلمين، فقد وقفوا مواقف خطيرة وحكوا حكايات عجيبة، فمنهم من زعم أن دعاء الموتى أفضل وأسرع إجابة من دعاء الله تعالى، فقد وصلت الوقاحة بهؤلاء إلى أنهم لم يقتصروا على دعاء الموتى وتجويزه بل بلغ بهم الأمر إلى أن يجعلوا دعاء الموتى أفضل من دعاء الله، فمنهم من يحكي أن بعض المريدين استغاث بالله فلم يغثه واستغاث بشيخه فأغاثه، فَإِغَاثةُ الشيخ أسرع من إغاثة الله تعالى تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا.
ومنهم من يحكي أن بعض المأسورين دعى الله فلم يخرجه فدعا بعض الموتى فجاءه فأخرجه إلى بلاد الإسلام (١).
(١) انظر الرد على البكري ص: ٣٤٧ - ٣٤٩ و ٣٥١، ومنهاج السنة: ٢/ ٤٤١، و ١/ ٤٧٤ - ٤٧٦، وملحق المصنفات: ١٠٦، والقول الفصل النفيس: ٩٧، والسيد البدوي بين الحقيقة والخرافة: ٣١٥، وروح المعاني: ٢٤/ ١١.